جدلية ديوان الخدمة المدنية
نيفين عبد الهادي
06-07-2023 12:10 AM
لحق خارطة طريق تحديث القطاع العام الكثير من الجدل منذ إعلان الحكومة عن تفاصيلها، لما حملته هذه الخارطة من تفاصيل وصفها البعض بالجريئة كونها وضعت هدفا لها ترتيب البيت الداخلي للقطاع العام بكافة مؤسساته، وإلغاء التشوهات المتراكمة في القطاع والتي نتجت عن ترحيل الكثير من السلبيات مما نتج تراكم مشاكل حلّها بالمسكّنات سيرحّل الألم ولن يعالجه..
وبعد جلسات الحوار الوطني التي نظمها المجلس الاقتصادي والاجتماعي، أخذت «خارطة الحكومة» في تحديث وإصلاح القطاع العام شكلا مختلفا نتج عن حوارات المجلس، شكلا يزيد من قوّة الخطة، ويضعها في مكان يحقق منجزات حقيقية لصالح القطاع العام تحديدا فيما يخص ترشيق الجهاز الحكومي، والاهتمام بالموارد البشرية ورفع كفاءة أجهزة الدولة المختلفة، لتصبح المرحلة التي تبعت هذه الحوارات مرحلة التنفيذ والتطبيق على أرض الواقع.
ومن أكثر تفاصيل «خطة الحكومة» لتحديث القطاع العام جدلا، وضع ديوان الخدمة المدنية، الذي اختلفت بشأنه الآراء بين تغيير مهامه وتغيير مسمّاه وتغيير دوره، أو الإبقاء على وضعه تحديدا مسمّاه، والعمل على تطوير مهامه، وذهب البعض لفكرة إلغائه، ليبقى في دائرة الجدل حتى يوم أمس حيث قال رئيس اللجنة الإدارية النيابية المهندس يزن الشديفات، إن اللجنة سترفع توصية لمجلس الوزراء بعدم استحداث هيئة الخدمة والإدارة العامة، والإبقاء على ديوان الخدمة المدنية وتطوير مهامه.
تؤشّر هذه الجدلية بمجملها على أهمية ديوان الخدمة المدنية وأهمية دوره، وعدم ترك ملف التعيينات في أجهزة الدولة المختلفة – وإن كان التوظيف إحدى مهام الديوان وليس جميعها- عدم ترك الملف في مهبّ العمل غير المنظّم، مما يجعل من أي تغيير بعمل ومهام ديوان الخدمة خطوة تحتاج دراسات وبحث مطوّل، وعلى ما يبدو أن كل بحث لهذا الجانب يُعيد وضع ديوان الخدمة المدنية إلى دائرة الجدل التي تكشف عن جوانب هامة لا يمكن إغفالها.
وفي الحديث عن ما تضمنته خارطة طريق تحديث القطاع العام بشأن تحويل ديوان الخدمة المدنية إلى هيئة الخدمة والإدارة العامة، رأى بعض الخبراء والمختصين أن في ذلك خطوة جيدة سيما إذا ما تبعها تطويرا لمهامه، فيما رأى آخرون أن موضوع تغيير المسمى ليس ضروريا، فالأهم هو التحديث والتطوير، ففي تغيير المسمى سيبقيه في ذات النهج من العمل والمهام، مما يخفف من أهمية تغيير الاسم، وتعدّ خطوة غير مجدية، فالأهم تطوير مهامه وتحديث سياساته وبرامجه المتعلقة بالتعيينات وفي الموارد البشرية، وهو ما يعكف بالأساس عليه ديوان الخدمة المدنية ضمن خطة انتقالية وضعت لهذه الغاية، الى جانب سعيه لتنظيم حوارات للوصول لتصورات تلبي طموح المواطنين فيما يخص كافة تفاصيل عمله.
تعدد الآراء حول وضع ديوان الخدمة المدنية يؤكد أهمية دور الديوان والحاجة لوجوده على أن يتم تحديثه بما يتناسب ومسيرة التحديث والإصلاح التي تعيشها المملكة، على أن يتم النظر في كل الآراء ووجهات النظر المطروحة بشأنه، وصولا لصيغة حديثة لوجود ديوان الخدمة بغض النظر عن المسمى الذي سيحمله، فالمهم وجود مؤسسة رسمية تضبط إيقاع الوظيفة العامة بكافة تفاصيلها بدءا من التعيين وصولا للتقاعد وما بين هذه المرحلتين من تفاصيل كثيرة وهامة ودقيقة.
(الدستور)