في ظل ما تعيشه الأمة من حال مزرٍ؛ انفصل فيه النظام السياسي العربي؛ انفصالا أشبه بالتام عن مصالح الأمة، ودخلت فيه الشعوب العربية حالة سكون، باتت معها فاقدة الوعي، تتلقى اللكمات دون أن تتفاعل حواسها معها.

من بين الرُكام، تشق المشهد البائس، إلى عنان السماء، طائفة مباركة؛ من أرضنا المباركة، تضرب المحتل على أنف غروره، وتذيقه ماأذاقه المختار للطليان، وتعنفه؛ وتقول له: أنا جنين أيها المحتل وهذا مخيمي.

جنين يا درس الأحياء للأموات، يادرس الرجولة؛ وقد طغى أشباه الرجال على المشهد، يادرس المبادئ؛ وقد أكل البغاة بأثداء العروبة...جنين؛ يادرس الأقصى والمهد، يادرسا أوله الله أكبر، وأوسطه قمح بيسان، وبرتقال يافا، وتين طولكرم، وزيتون الخليل، وكرسي أحمد ياسين، وحمية كايد المفلح، ودم عياش، وريشة ناجي، وقلم كنفاني، وقصيد عرار، والكاف الكنعانية، والثوب الشروقي والثوب الدجاني، والشطوة التلحمية، وكوفية أبي ربحي، وعباءة البئر سَبْعِّيّْ، وقناطر القدس، وزقاق الخليل، وحصن عكا....الدرس الذي اسمه جنين؛ ليس آخره ماجرى بالأمس، فجنين قصة ممتدة؛ تقول بأعلى صوتها: لاتيأسوا، فلكم فينا من الحواس، إن رَكَنَتْ عِندكم، فهي عندي حية...إن كُنْتُم قد استَكَنْتُم، فإني لم أستَكِنْ...إن غربت عنكم شمس الكرامة، فشمس الكرامة عندي تلهب لهيبا، إن نَفَدَتْ مِنكم الدماء، فإن الدماء التي فِيَّ تملأ الأرض عزًا وكرامة، فأنا ضمير أمتي الحي....إني، وشقيقاتي في فلسطيني، وظهيرنا العربي الحي، لها، حتى ينكفئ الغرباء، ويرحلوا، إلى حيث كانوا.