حققت الجامعة الأردنية انجازاً غير مسبوق محلياً في دخولها قائمة أفضل 500 جامعة في العالم، بترتيب 498 وهو ترتيب يحتم على الجامعة الدفاع عنه والتقدم عنه في السنوات المقبلة، ولا خيار غير التقدم.

سبق ذلك أن تقدمت الجامعة ودخلت تصنيف شنغهاي الدولي، الذي بدأ الحلم بالدخول إليه عام 2009 حين ارسلت الجامعة وفدا من استاذة واستاذ ليتعرفوا قصة ذلك التصنيف وعاد الوفد بخلاصة أن لا قِبلَ للجامعة ولا قدرة لها ببلوغة، لشروط متعددة، لكن الانجاز تحقق العام الماضي، والصعب بات ممكناً، وقبل ذلك تقدمت الجامعة في تصنيفات دولية أخرى مثل ويبومتركس التابع للمركز الوطني للبحوث في إسباني الذي حلّت بها الاولى محليا والعاشرة عربيا.

المهم اليوم أن التقدم مسار، كما ان الانحدار كذلك وهو هواية من ينقصهم البلوغ والرشد وكدنا أن نقع به قبل اعوام، لكن لا مجال للتراجع عن التقدم، والجامعة الأردنية كجامعة وطنية عامة، لها جزء كبير من سردية الزمن المعرفي الأردني، لا شخص يملك القول بأنه صانع المعجزات، ولا التقدم بيد رجل واحد بل بروح فريق يجب رعايته ودعمه، وهذا ما أكد عليه رئيس الجامعة الأردنية الاستاذ الدكتور نذير عبيدات، في وقت سارع البعض إلى القول بان ما حدث من امجادهم الغابرة.

نحن يا سادة في جامعة عنوانها الأردن، والمهم القدرة على الصمود في المقدمة، والاعداد الجيد، والسعي نحو النهوض بالعلوم الانسانية والاجتماعية، والتوقف عن الانحدار في الحديث عن نسب الأب الشرعي للانجاز، فالعاقل من يرى اهمية الثمرة التي تحققت والمشوار الطويل الذي بني عبر ستة عقود وازيد من التاريخ المعرفي في الجامعة الأردنية.

اليوم نحن في الجامعة كما تحدث رئيسها أول من امس على قناة المملكة منشغلون في تحديث القاعات التدريسية وتقديم بنية تعليمية وبيئة سليمة، واشراك الخبراء من المجتمع والعالم بالتدريس مع توسع كبير في الابتعاث والتعيين، فكلما انفقنا أكثر وبرشد وعقلانية كلما ربحنا طلابا أكثر دربة ومهارات ومعارف مميزة.

الجامعات الأردنية الأخرى تسابق نحو التقدم، وسعيها محمود في ذلك، ولها الشكر في الإصرار على المسيرة التي يقومون بها، وفي خطة التحديث الاقتصادي في محور التعليم من الاهداف ان يكون لدينا اربع كليات طب في مقدمة التصنيفات العالمية، وهذا ممكن في كليات الطب التي يذهب إليها أفضل الطلبة.

اعود للجامعة الأردنية ونشير إلى كليات متقدمة فيها في التصنيف العالمي مثل التمريض التي هي من أفضل 150 كلية في العالم، وكلية الطب وغيرهما، ذلك كله لم يحدث بسهولة حيث تقطف الكليات الصحية في الجامعة أفضل خريجي الثانوية، وحافظ الأساتذة في كلية الطب تحديدا على تقليد صلب، وهناك بنية تشكلت من الصعب الإضرار بها، والمصالح التي تشكلت بالمفهوم الايجابي للمصلحة، تجعل الاستاذ يحرص على سمعته، والنظام الموجود بالطب صعب الاختراق، والحفاظ على الاساتذة وتقييد عملهم في القطاع الخاص اسهم بشكل كبير في استحقاق خريجي طب الأردنية سمعة عابرة ومحترمة.

لا احب هنا أن ابالغ بالمديح، لكن الاعتراف بصلابة النظام التعليمي في الطب والحرية الممنوحة للاساتذة واحترامها وعدم التدخل بتقييم الطلبة، خيار وتقليد يجب ان ينتقل للكليات الأخرى، وفي كل الجامعات الأردنية.

ختاما ، التقدم مسار طويل وخيار مستقبل، ولا مكان فيه للتوفير او التقليل من الابتعاث العلمي، كما يجب السخاء على الطلبة بتجهيز بيئة تعليمية حضارية وتنمية مهاراتهم الحياتية وبناء للذات كي يعبر الطالب عن نفسه بما يستحق، ودفع الطلبة للعمل والاعمتاد على الذات، والمشاركة في الدفاع عن قضايا مجتمعاتهم كرسل حرية وعدالة وكرامة، فالبقاء للحرية.

(الدستور)