روسيا تنتصر للإسلام والقرآن الكريم
د.حسام العتوم
04-07-2023 12:02 PM
ليست المرة الأولى التي ينتصر فيها رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين للإسلام وللقرآن الكريم، فلقد أكد ذلك حديثا في مدينة "دربند الداغستانية" هذا العام 2023 بقوله إن عدم إحترام القرآن الكريم يعتبر جريمة في روسيا يعاقب عليها الدستور والقانون عبر مادة العقوبات رقم 282، وبأن بطريرك موسكو كيريل الأول يؤكد أن المسلمين إخوتنا.
وسبق للرئيس بوتين أن أعلن في مؤتمره السنوي داخل قصر "الكرملين" عام 2021 بأن الإساءة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم ليست حرية تعبير -يقصد الغرب- وكلنا نتابع في المقابل الإساءات المتكررة للإسلام ولرسول البشرية الكريم خاتم الأنبياء العظيم محمد صلوات الله عليه في بلاد الغرب في صحيفة "بولاندس بوستن" الدنماركية عام 2005، وإعادة الإساءة عام 2006 في صحف Magazient في النرويج، ودي فيلت في المانيا، وFrance soir الفرنسية وأوروبية أخرى، وفي مجلة " شالري إيبدو" الساخرة الفرنسية عام 2006 2015، ووقف الأزهر في القاهرة بحزم من كل التصرفات الحمقاء الغربية المتكررة، وامتدح موقف الرئيس بوتين الشجاع وبحمله واحتضانه المصحف الشريف في داغستان، وحادثة التطاول على القرآن الكريم قبل أيام من هذا العام 2023 في السويد يندى لها الجبين وتجلب لهم العار باسم الحرية المزيفة، وأدينت في شرق وجنوب العالم، ووسط العالم الإسلامي الذي يمثل 25% من عدد سكان العالم، بمعنى حوالي ( 2 مليار من أصل 8 مليار ) .
ويبلغ عدد المسلمين في روسيا وحدها حوالي 20 مليون مسلم لهم امتداد داخل البلاد السوفيتية السابقة، والإسلام هناك هو ثاني أكبر تجمع ديني بعد الأرثوذكسية المسيحية، ومثلما هي الديار المقدسة في المملكة العربية السعودية قبلة للمسلمين السنة، ومثلما هي " قم "الإيرانية وجهة لشيعة العالم، فإن منطقة "المغطس" قرب البحر الميت في الأردن مرشحة لتصبح قبلة لأرثوذوكس العالم، حيث مغطس السيد المسيح عليه الصلاة والسلام وبإعتراف "الفاتيكان"، ونهر الأردن الخالد والقرب من مكان ميلاد السيد المسيح في بيت لحم داخل الأراضي الفلسطينية المجاورة، ولدينا في الأردن مشكلة خدمية هامة عالقة مع روسيا الاتحادية بسبب توقف طائرة "الملكية الأردنية" عن رحالاتها بعد توقف مثيلتها "الأيرفلوت" الروسية قبل ذلك، والسبب اقتصادي تراكمي وآخر له علاقة مباشرة على ما يبدو بتبعات العملية العسكرية الروسية الحرب الأوكرانية وبمشاركة حلف "الناتو" بطريقة غير مباشرة منذ عام 2022، وثالث بسبب قلة كوادر الطيارين الأردنيين في الفترة الأخيرة كما رشح لي، وبسبب ضعف التبادل السياحي ومنه الديني، وبسبب محدودية المنح الدراسية المقدمة من الجانب الروسي للطلبة الأردنيين والتي هي في اطار(160) منحة سنوية الآن - 2023، بينما كانت مفتوحة في الزمن السوفيتي.
والغريب في الأمر هنا هو بأن الغرب الذي يتطاول على الإسلام -الدين الحنيف- الخط الأحمر الى جانب الأديان السماوية المباركة تحت عنوان الحرية الليبرالية الصفراء، هو نفسه الغرب المنقاد للولايات المتحدة الأمريكية في تفسير سيادة أوكرانيا بين عامي 1991 و2022 وحتى الان عام 2023 من دون الحاجة لفهم التاريخ المشترك الروسي السوفيتي وحتى القيصري، وبأن تحريك إقليم "القرم" عام 1954 من قبل نيكيتا خرتشوف تجاه أوكرانيا، والذي هو روسي الأصل منذ عهد الإمبراطورة يكاتيرينا الثانية في الحرب الروسية الثانية مع الدولة العثمانية عام 1768 وانتصارها فيها، وبأن الأراضي الأوكرانية منذ عهد المفكر وقائد ثورة البلاشفة عام 1917 فلاديمير لينين هي زراعية روسية، وبأن " كييف " كانت تسمى بـ " كييفسكايا روس"، أي "كييف - الروسية"، وبأن إساءة استخدام "نظام كييف" الجديد بقيادة فلاديمير زيلينسكي وقبله بيترو باراشينكا للأراضي والسيادة الأوكرانية عبر التوجه فقط للغرب ولحلف "الناتو" وإدارة الظهر بالكامل لروسيا جارة التاريخ قلب موازين السياسة بين موسكو و "كييف" 180 درجة، وروسيا – بوتين تماما كما أكتب دائما لا تقبل بالتطاول على سيادتها واستخدمت المادة القانونية من مواد ميثاق الأمم المتحدة رقم 517 للعبور للدونباس عام 2022 وقبلها أعادت إقليم " القرم " لعرينه الروسي عام 2014، وهكذا فعل جوزيف ستالين عام 1945 عندما ضم جزر " الكوريل " اليابانية السابقة للسيادة السوفيتية أي الروسية حاليا بعد إعتداء " اليابان " على الإتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية .
ويخلط الغرب بين الحرية وبين الإساءة للغير خاصة للخط الديني الأحمر، للإسلام، والذي هو ركن أساسي من أركان الأديان الإبراهيمية التي نعيدها لجد الأنبياء إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، وهو صاحب القدسية إلى جانب القرآن الكريم المقدس عند الملسمين ووسط دول وشعوب العالم أيضا ويحترمان، وفيهما رسالة للحياة وللإنسانية، ويخلط الغرب في تفسير سيادة الدول خارج فهم التاريخ في المقابل، ويعتبر روسيا مثلا عداونية ومحتلة بينما يغمض عيونه عن (إسرائيل) المحتلة لأراضي العرب منذ عام 1967، ويمتهن الغرب خلف عربة أمريكا الترويج الإعلامي فقط الى جانب القضية الفلسطينية العادلة دون تكليف الذات للضغط على "إسرائيل" لمغادرة أراضي العرب وفقا لأحكام القانون الدولي ومادته 242 الذي طالبه بذلك ولا زال، ولا صوت حقيقي يسمع بشأنه للأم المتحدة ومجلس الأمن، وبينما هي روسيا مهذبة وحضارية وملتزمة بالقانون الدولي، نلاحظ اتهام الغرب لروسيا باختراقه، في زمن يخترق فيه الغرب القانون الدولي وكبريات مؤسساته (الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والمحكمة الدولية، والجنايات الكبرى، وحقوق الإنسان، وغيرها) ليل نهار وعلى المستويين الديني الخطير والسياسي الهام أيضا، ولا مخرج لأمن العالم كما أعتقد من دون إعادة النظر بقواعد مجلس الأمن وعلى مستوى قرار النقض "الفيتو" لتتوسع شبكته وتشمل دولا عديدة هامة في شرق وجنوب العالم، والمستقبل لا محالة هو لتعدد الأقطاب العادل والمتوازن وليس لأحادية القطب المتغولة والمتعالية والمتغطرسة والمتراجعة.
روسيا التي أتحدث عنها هنا هي الأكبر مساحة في العالم (حوالي 18 مليون كلم² )، وتعداد سكانها حوالي 150 مليون نسمة، وتتصدر المجموعة السوفيتية السابقة (CNG)، وتقود عالم متعدد الأقطاب، وتشكل في سياستها الخارجية قطبا معارضا وميزانا عادلا في السياسة الدولية، وهي منفتحة دينيا على كل الأديان، ففيها الإسلام، والمسيحية، واليهودية، الجوامع، والكنائس، والمعابد، والإسلام الثاني انتشارا بعد المسيحية الأرثوذكسية هناك، وبيوت الله ( المساجد ) منتشرة بقوة في أرجائها، أربعة منها في موسكو العاصمة، و2000 مسجدا في داغستان، 1100 مسجدا في تتارستان، 470 مسجدا في بشكيريا، و465 مسجدا في الشيشان، و300 مسجدا في الأنغوش، وتعداد المساجد في ازدياد وعدد المسلمين كذلك، وحرية الأديان ماثلة، وروسيا ناهضة لا محالة ولن يستفيد الغرب غير تراجع سمعته وصورته عالميا على مستويات الدين والسياسة والاقتصاد والعلاقات الدولية .