احتواء العنف المجتمعي .. خطوات ايجابية
فهد الخيطان
08-01-2011 02:45 AM
تطبيق القانون على الجميع يبدد الانطباعات عن ازدواج المعايير .
لا تظهر مؤسسات الدولة اي استعداد لمراجعة السياسات التي ادت الى انتعاش الهويات الفرعية في المجتمع الاردني على هذا النحو من العدوانية والتطرف. واكثر من ذلك اعتقد ان النخب الممسكة بمراكز صناعة القرار غير مؤهلة لانجاز عملية المراجعة ولا تستطيع بحكم ظروف تكوينها وصعودها في المراتبية القيادية ان تقدم حلولا خلاقة للدولة والمجتمع.
لكن وان كان مسار اصلاح السياسات معطلا الى اجل غير مسمى, فان محاولات احتواء ظاهرة العنف المجتمعي تبدو ممكنة من خلال الاجراءات الامنية والقانونية الصارمة. وقد ظهر هذا التوجه جليا في الطريقة التي تعاملت فيها الحكومة مع حوادث العنف التي وقعت مؤخراً في معان والجامعة الاردنية ومن قبل في حادثة ملعب القويسمة.
بدت الحكومة غير مستعدة للمساومة في تطبيق القانون بحق الاشخاص الذين تورطوا في اعمال الشغب والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة. واظهرت قوات الأمن تعميماً على جميع المطلوبين في معان. وفي الجامعة الاردنية تتجه النية الى ايقاع اقصى العقوبات بحق مثيري الشغب, وسبق تلك الخطوة احالة العديد من طلاب جامعات في الشمال والوسط الى محكمة أمن الدولة بالتهم ذاتها.
ووقف رئيس الوزراء الى جانب رؤساء الجامعات في مقاربة ضغوط الوجهاء الذين عادة ما كانوا يتدخلون لايجاد تسويات للمشاكل على حساب القانون والحق العام.
فرض سيادة القانون على الجميع ومن دون تمييز ستكون له نتائج ايجابية لجهة التخفيف من وتيرة العنف المجتمعي المتصاعد. وسيدرك كل مواطن يتورط في اعمال الشغب والتخريب والانتقام ان عباءة العشيرة او المنطقة او الجهة لن تحميه من العقوبة القانونية ولن تجعله في مأمن من السجن. ومنذ يومين صادقت محكمة التمييز "اعلى هيئة قضائية في البلاد " على احكام بسجن ما يزيد على ثلاثين شخصا تورطوا في اعمال شغب بالطفيلة وقعت قبل عامين. هذه بحد ذاتها تشكل رسالة رادعة لكل من يعتقد ان بوسعه الافلات من يد العدالة بعد ارتكاب اعمال مخالفة للقانون.
ان ما يشجع الكثيرين على التمادي في تجاوز القانون قناعتهم المستندة الى تجارب سابقة ان بامكانهم الافلات من المساءلة معتمدين في ذلك على شبكة متداخلة من العلاقة بين اصحاب القرار واصحاب الجاه في مناطقهم وتردد المسؤولين في تطبيق القانون. ينبغي تغيير هذه القناعة واظهار الحزم في تطبيق القانون على الجميع وفي كل الاوقات والاماكن.
ولا شك ان الاجراءات الامنية والقانونية الصارمة التي اتخذت مؤخراً في مناطق الجنوب وفي الجامعات وبحق مواطنين من مختلف الاصول, ستساعد في تغيير الانطباعات التي سادت بعد حادثة القويسمة بين اوساط اردنيين من اصل فلسطيني, بوجود معايير مزدوجة في تطبيق القانون, او استخدام القوة عند وقوع اعمال شغب.
الحزم في تطبيق القانون يؤتي نتائج جيدة على المدى القصير, كما ان اللجوء الى القوة لردع الخارجين على النظام امر لا بد منه, لكن اعتماد هذه الاسلوب على المدى البعيد سيخلق حالة عداء بين الدولة ومواطنيها وسيحول حالات العنف الى تمرد سياسي اذا استمرينا في تجاهل الحاجة الى اصلاحات شاملة تطال بنية الدولة واسلوب ادارتها وطرق اتخاذ القرار ونوعية النخب الحاكمة.
fahed.khitan@alarabalyawm.net
(العرب اليوم)