تم اشتقاق العنوان من مسرحية للرحبانية تصف جماهيرنا بأنها غفورة بدلًا من غفيرة!
يقال في الرأي العام: إنّ حالة جديدة تتشكل في التجمعات الغفيرة تقل مستوًى عن مستوى معظم الأفراد، وهذه الجماهير الغفيرة تكون أكثر قسوة من أفرادها! فالجماهير الغفيرة قد تكون غفورة وقد لا تكون!
تغفر الجماهير أخطاء بلدية، أو حكومية في الخدمات، وقد تكون غفورة لأخطاء مسؤول هنا وهناك، ولكن هذه الجماهير الغفورة قد تنقلب إلى جماهير غير غفورة بلحظات، فليس بعد الصبر غير امتلاك زمام الأمر!
فمتى تكون الجماهير الغفيرة غفورة ومتى لا تكون؟
في الفرح الأردني، كانت الجماهير غفيرة؛ ترقص وتدبك وتغني! وإذا لم تُستثمَر هذه الحالة، ويلاقيها المسؤولون في منتصف الطريق- على الأقل- تتحوّل إلى جماهير غير غفورة، فلا تتسامح في حقوق كان من الممكن الحصول عليها، وبتقديري؛ لم يتقدم أحدٌ لملاقاة هذه الجماهير وجعلها غفورة تنسى متاعب الماضي.
وفي دواعي الإصلاح السياسي: الأحزاب والانتخابات، هل ستكون الجماهير الغفيرة غفورة؟؟
دخلت الجماهير الأحزاب، فوجدت جميع الانتهازيين قد احتلوا الصفوف الأولى فيها، وهذا يعني: خياركم في جاهلية التدوير الحكومي هو خياركم في "إسلام" التدوير الحزبي! فهل ستكون الجماهير غفورة؟ أغلب الظن نعم!
وفي الانتخابات القادمة: هل ستسأل الجماهير:
مجلس الأمة، بأي حالٍ عدت لنا؟
بما مضى أم بأمرٍ فيك تجديد؟
أغلب الظن أن خياركم في "جاهلية" الخبرات والمجالس السابقة هم خيار الجماهير المفروض عليها في "قداسة" الانتخابات القادمة! أغلب الظن أن الجماهير ستكون غفورة أيضًا! فالوضع ساكن: والحزبية والانتخابات نبعت من هذا الوضع!
وفي الفيزياء لا تتولد طاقة من السكون! فالجماهير الغفيرة غفورة لأنها ساكنة!
لم تنجح الدولة -وهذا سابق لأوانه- في تحريك الوضع الساكن، بل خلافا لذلك أضافت الهندسة إليه جمودًا وتجميدا!
إن تشكيل أحزاب للانتهازيين المتماثلين وليس "المثليين" وتوزيعهم -وفق حصص مرسومة- أوحت للجماهير الغفيرة باسم رئيس الوزراء القادم المنتخب حزبيًا قد لا يجعل منها غفورة هذه المرة! فالجماهير حين ترى ما يجري في السطح والعمق من تذاكٍ عليها، وخداع لها؛ قد لا تكون غفورة! وحتى لو كانت، فإنّ أحدًا ما لا يهتم بغفرانها أو عدمه، فالجماهير الغفيرة سواءٌ أكانت غفورة أم غير غفورة فقد أُحيل بعضها على الاستيداع، وبعضها استقال أصلًا ليأسه من الأمل، وبعضها تقاعد، وفي جميع الحالات الثلاث هل يمكن عدُّها فاقدة لوظيفتها؟
هناك من يعبث بالجماهير؛ من السلطة الرسمية ومن المجتمع نفسه، فيغضبها حيث لا يجب، ويجعل منها غير غفورة. ويرضيها أيضًا حيث لا يجب ويجعل منها غفورة راضية مرضية، فالجماهير الأردنية غفورة ودودة إلى أن يقضي شيء ما أمرًا يجعلها فاعلة!