"الله" أنقذ روسيا من حرب داخلية طاحنة
د.حسام العتوم
02-07-2023 09:59 AM
نعم "الله" سبحانه وتعالى وحده من أنقذ روسيا الاتحادية الصديقة للعرب ولدول العالم شرقا وجنوبا من كارثة حرب شعبية داخلية كان من الممكن أن تكون الأكثر مأساوية في التاريخ الروسي والسوفيتي جراء سلوك منظمة " فاغنر " الأمنية الروسية والعسكرية الخاصة السلبي تحت شعار (الإصلاح واعادة البناء) بعد تحريرهم بنجاح لمنطقة " أرتيومسك- باخموت" على أطراف الدونباس - خط الدفاع الأول عن اقليم "القرم" ، وبالمناسبة أكبر الأديان السماوية عاملة على الأرض الروسية – اليهودية والمسيحية والإسلام ، والمعابد والكنائس والجوامع منتشرة بقوة فيها، ورغم مباركة الرئيس فلاديمير بوتين لهم بالنصر ، وكان بإمكان قائد "فاغنر" تفادي تحريك فصيله الأمني العسكري الخاص تجاه جنوب روسيا وصوب العاصمة موسكو بسبب انتقاداته الساخنة لوزارة الدفاع الروسية في بلده روسيا ، وهو الذي شمر عن ذراعيه وفصيله المكون من قرابة 30 ألفا من المتقاعدين والمتطوعين للدفاع عنه جراء الهجمات المضادة من طرف أوكرانيا – كييف والغرب بهدف محاولة تحرير الدونباس والقرم بحجة الدفاع عن سيادة أوكرانيا عام 1991 ، والذي هو عمل سرابي كلف الغرب حوالي 200 مليار دولار مالا واسلحة حديثة ، ولا زالوا يحاربون ويغرقون في وحل الأوهام الخيالية ، وتعامل الرئيس بوتين مع حراك " فاغنر " تجاه موسكو بحزم وقساوة لولا تدخل رئيس بيلاروسيا لوكاشينكا وطلب التهدئة - حسب تسجيل وصلني من روسيا مباشرة .
وكان بإمكان قائد "فاغنر" يفغيني بريغوجين ومستشاريه الأمنيين والعسكريين التوجه للمحكمة الروسية لعرض مظلمة فصيله الأمني الخاص الذي تعرض لقصف داخلي روسي نفته وزارة الدفاع، وعانى من ضعف الدعم العسكري في وقت الحاجة اليه، وكادت الأمور أن تنقلب ويتعرض بريغوجين ومن تحرك من فصيله للخطر الماحق بسب الغرور والفانتازيا، وكاد أن يصطدم مع الجيش الروسي وقوى الأمن الداخلي، وكان من الممكن أن يقفوا أمام المحكمة نفسها، وما كان يجب شخصنة توجه حدث " فاغنر " الأخير لإستهداف سمعة وزير الدفاع الروسي سيرجي شايغو ورئيس هيئة الأركان فاليري قيراسيموف والمطالبة بجلبهما الى وسط "فاغنر" كما صرح الرئيس البيلاروسي لوكاشينكا مؤخرا، خاصة وأن خزينة الدولة الروسية ووزارة الدفاع الروسية هي من تمول فصائل "فاغنر" بالكامل ، ولقد حصلت على 86 مليار و262 مليون روبل حسب تصريح حديث للرئيس بوتين عامي 2022 2023، وتفكيك خيوط المشكلة كان من الممكن السيطرة عليها بالحوار واللقاءات الدورية المباشرة مع القيادتين الروسية السياسية والعسكرية، ونصح الرئيس لوكاشينكا بريغوجين العزوف عن مسألة جلب وزير الدفاع شايغو ورئيس الأركان قيراسيموف لطرفه وحتى عن طلب لقاء الرئيس بوتين بعد مكالمات تلفونية ساخنة تخللتها اللغة الشعبية الروسية منحدرة المستوى، والمعروف هو أن الرئيس بوتين صديق تاريخي لبريغوجين ، وتبين لاحقا بأنه صديق حميم لرئيس بيلاروسيا الكسندر لوكاشينكا بنفس الدرجة، والتنسيق السياسي والأمني الروسي والبيلاروسي ساهم مباشرة في إيجاد مخرج لأزمة "فاغنر" مع وزارة الدفاع الروسية وبالتالي مع قصر "الكرملين" الذي تابع حدث "فاغنر" عن كثب أول بأول وبقوة وبذكاء وبعد نظر قل نظيرة .
وجاءت مبادرة الرئيس لوكاشينكا رجل الجبهة الروسية - والسوفيتية السابقة - الشرقية الشجاع في وقف زحف " فاغنر " داخل الأراضي الروسية من الجنوب الى الشمال في وقته وزمانه ، ونجح في سحب قائد فاغنر " بريغوجين " من وسط روسيا الى العاصمة البيلاروسية " مينسك " ، وثمة تسوية ستحصل بين فصيل " فاغنر " وروسيا- بوتين بوساطة الرئيس لوكاشينكا بعد وعد موسكو بعدم المساس بفاغنر وبرئيسها مباشرة وأمام المحاكم كذلك ، وترتيب جديد سيجري للبيت الروسي والعسكري والأمني بعد حادثة " فاغنر " ، والعملية الروسية العسكرية الخاصة الدفاعية التي انطلقت بتاريخ 24 شباط 2022 ماضية في تحقيق أهدافها الدقيقة التحريرية والاجتثاثية للتطرف الأوكراني الذي يقوده التيار (البنديري) القادمة جذوره من عمق الحقبة الهتلرية في الحرب العالمية الثانية 1939 1945.
لست من مدرسة التفسيرات الغربية لحدث "فاغنر" التي امتهنت التقويل والمبالغة ونشر الإشاعات والفوبيا الروسية وسط الرأي العام العالمي الذي يبتعد كثيرا عن الحدث نفسه، وغير صحيح أن فصيل "فاغنر" المعروف بوطنيته واخلاصه لروسيا قبض مليارات تجاوزت - الستة مليار دولار- من الغرب لتحريك عمليته التصحيحية التي راح ضحيتها حسب خطاب حديث للرئيس بوتين ثلة من العسكريين الروس بداية الحدث، ويصعب تصديق أن حدث "فاغنر" دبر بليل من قبل روسيا نفسها، وبأنه مسرحية إستخبارية روسية ، ومن السذاجة الاعتقاد بأن "فاغنر" كان بإمكانها أن تجتاح موسكو العاصمة بسهولة من دون أن يصطدم بقوات الحرس الوطني الروسي بقيادة الجنرال - فيكتور زولوتوف - الذي كان جاهزا لصده بقوة لمجرد عبوره مداخل العاصمة الى جانب قوات مختلفة التخصصات والأصناف، وتصريحات رئيس دولة " كييف – فلاديمير زيلينسكي " بشأن حدث "فاغنر" ووصفه الجانب الروسي بالشرير غير موفقة ، ولو تشابه في مواصفاته القيادية مع الرئيس البيلاروسي الرزين الكسندر لوكاشينكا، أو مع الرئيس التركي "طيب رجب أوردوغان" الحكيم وقوي الشخصية الذي يقيم علاقة دافئة مع موسكو رغم عضوية بلاده تركيا في "الناتو" لحافظ على بلاده أوكرانيا من التقسيم شرقا وغربا، ولو أجاد التعامل مع اتفاقية " مينسك 1+2 " التي اشترك فيها الغرب نفسه ( المانيا وفرنسا )، ولو لم تنفذ " كييف – بيترو باراشينكا " انقلابها غير الشرعي عام 2014 ، ولو أنها لم تحرك ثوراتها البرتقالية بهدف الإنفصال عن الجذور السوفيتية والسلافية والروسية ، وبهدف الحصول على الحرية القادرة على توجيهها غربا وتجاه حلف " الناتو" لحافظ على "القرم والدونباس" ضمن السيادة الأوكرانية، لكن هيهات انتهت الهدية كما قال الرئيس بوتين وهي التاريخية منذ زمن فلاديمير لينين ونيكيتا خرتشوف 1917 1954، وجاء عصر فلاديمير بوتين 2000 2023 الذي لا يقبل الاعتداء على سيادة بلاده روسيا تماما كما لم يقبل -جوزيف ستالين - إعتداء اليابان على سيادة الإتحاد السوفيتي عام 1945 ، وكما أصبحت جزر " الكوريل " اليابانية السابقة روسية السيادة هكذا أصبح " القرم والدونباس " وتم نقل سيادتهم من الأوكرانية إلى الروسية أيضا ، وهي أمور لا يفهمها الغرب الذي لا يحسن قراءة التاريخ.
وشهد حدث "فاغنر" صعود إسم - بيتر فرادكوف – الذراع اليمين لقائد الفصيل – بريغوجين– على أنه مدبر محاولة الإنقلاب على وزارة الدفاع الروسية وعلى موسكو وعلى الرئيس بوتين ، وتبين لاحقا ان كل ماجرى كان هبة إصلاحية عبّرت عنها قيادة " فاغنر " وارادت ايصال رسالة لموسكو بأن من يحارب في الميدان ويحرر ليس كمن يقود المعركة من المكاتب، والتقت " فاغنر " أخيرا مع " قصر الكرملين " ومع الرئيس البيلاروسي الوسيط الكسندر لوكاشينكا على معادلة حماية روسيا الوطن من العيون السارقة له سواء انطلقت من " كييف " العاصمة أو من عواصم الغرب، والفرحة المشتركة في "كييف" وفي الغرب خابت بالفشل ، وانتصر قصر " الكرملين " وإرادة الشعوب الروسية صاحبة الحضارة والتاريخ ، ولم يتركوا مجالا للنخر الغربي في صفوف جيشهم الأحمر المصنف روسيا بأنه الأول عالميا، ولا حتى في صفوفهم، ومن يصعب عليه في الغرب فهم سيادة أوكرانيا بين عامي 1991 و2022 وحتى الان سيصعب عليه أن يتعايش مع القانون الدولي نفسه الذي استخدمت روسيا منه مادة ميثاق الأمم المتحدة رقم 517 التي خولتها الدفاع عن سيادتها ، وروسيا -وهي حقيقة وليست دعاية غير محتاجة لها- لم تبدأ الحرب مع أوكرانيا ( كييف ) ، ولا تعتبر نفسها حتى الساعة في حرب معها ، وهي جارة التاريخ ، والأوكران أخوة للروس ، لكن الغرب اقتنص فرصة حراك "كييف" عبر ثوراتها البرتقالية وانقالابها غير الشرعي وعبر مطالبتها بالحرية والإنفصال عن كل ماهو روسي وعلى كافة المستويات الدينية واللغوية والإقتصادية والسياسية والدبلوماسية وحتى الإجتماعية بهدف ليس خدمة الشعب الأوكراني حسب مسرحية زيلينسكي الفنان وقتها وإنما لخدمة الغرب الذي لازال يرفض ادخال " كييف " لحلفه " الناتو "لمعرفته مسبقا بخطورة الخطوة وسخافتها على المستوى الإستراتيجي والجيوسياسي ، وتعتبر روسيا بأن حربها الحقيقية ان فرضت عليها، وهي التي لن تكون فقط مع حلف "الناتو" ، وتعرف مسبقا بتفوقها النووي عليه كما ونوعا ولا تهابه، وقوة النار الروسية رادعة لا هجومية حسب الإستراتيجية العسكرية لوزارة الدفاع الروسية ولقصر "الكرملين" أيضا ، وها هو مرشح الرئاسة الأمريكية لعام 2024 روبرت كينيدي يصرح لقناة NBC 5 بأن أوكرانيا ضحية حرب وسيطة بين أمريكا وروسيا، وعندما يصبح رئيسا لأمريكا عام 2024 سينهي الحرب في فترة قصيرة، وهي التي أصبحت مكلفة لخزينة الدولة الأمريكية، ويناشد بلده أمريكا العزوف عن سياسة الحروب الأبدية .