ماذا لو قام أحد المسلمين لا قدَّر الله بحرق الإنجيل ؟..
ماذا سيكون رد فعل الغرب؟..
ساعتها سيتهم المسلمين جميعاً بالإرهاب وأنهم لا يعترفون بالآخر ولا يحترمونه وحقوقه ولن يكتفي بتحميل الفاعل الوزر وحده، لكننا قبلهم سندين هذا العمل المشين لو وقع، وتتم معاقبة الفاعل، لأننا نحن نؤمن بكل الأنبياء والرسل والكتب وهذا جزء من إيماننا برسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وجزء من عقيدتنا وصحيح إيماننا.
الجريمة البشعة التي قام بها أحد الموتورين التي تمثلت بحرق نسخة من القرآن الكريم في إساءة لكتاب الله العظيم وردود الفعل الغربية تدل على مدى درجة النفاق التي وصلوا إليها هناك ومدى الكراهية التي يحملونها في صدورهم لنا عندما اعتبروا هذه الجريمة تعبيراً عن حرية الرأي، كما ادعى أمين عام حلف شمال الأطلسي وقيادات السويد، في حين أن حرق علم المثليين عندهم عقوبته 15 عاماً.
لكن عندما تكون القضية متعلقة بالإسلام والمسلمين يعتبرونها نفاقاً حرية للرأي، أما عندما تكون قضية تخصهم ساعتها لا حرية للرأي ولا حقوق للإنسان.
الغرب يدرك تماماً عظمة الإسلام لأن علماؤه ومفكروه درسوا الإسلام دراسة عميقة ومتفحصة وعرفوا كم هو عظيم وشامل، لكنه يخشاه ويكرهه لأنه يرى فيه تهديداً يكشف زيف حضارته وخوائها الروحي وأنها قامت على عدم احترام الإنسان وحقوقه، بل على دمائه وأن المسلمين لو عادوا لعروة الإسلام وتوحدوا عليها لما ظل له مكان في سيادة أو حضارة.
الغرب يدرك أن هذا الدين هو الدين الوحيد الذي بنى الإنسان بناء صحيحاً كما يقول أحد مفكريه "براندو لويس" ، لقد منح الإسلام الراحة والطمأنينة لملايين لا تحصى من الرجال والنساء، فقد أعطى كرامة ومعنى للحياة التي كانت تعيسة وبائسة، كما أنه علّم شعوباً من عروق مختلفة أن يعيشوا حياة أخوية وجعل شعوباً مختلفة تتعايش جنباً إلى جنب في تسامح كامل".
ومقابل هذه الشهادة وغيرها هناك ركام كامل من الأكاذيب والافتراءات التي نضحتها ألوف الكتب والأبحاث التي أعمى أصحابها الحقد وتغافلوا عن الإنجازات التي حققها الإسلام في الضمير الإنساني، بل شوهوها وكان وراء هؤلاء الكذبة والحاقدين جهات ذات أطماع وأحقاد تستشعر الخطر على واقعها السياسي والاقتصادي والاستعماري إن شهد المسلمون صحوة تعيدهم إلى إسلامهم.
لقد بات الكثيرون في أوروبا لا يخفون عداءهم للإسلام ويجاهرون بهذا العداء والكراهية، لأن في صدورهم وعقولهم عدم اعتراف بالآخر ونحن نشكل بالنسبة لهم الآخر الذي يجب اجتثاثه والقضاء عليه وربما لا زالت عقدة الحروب الصليبية موجودة في عقولهم كيف خرج أجدادهم من بلادنا مطرودين مهزومين.
إن ما وقع من أحداث مؤخراً في دول عديدة تقصّد من ورائها الإساءة للإسلام وآخرها جريمة السويد يؤشر على عمق الفجوة بيننا كمسلمين وبينهم حتى لو أظهروا غير ذلك على ألسنتهم التي تخفي ما في صدورهم من كراهية عميقة، والكثيرون منّا على كل المستويات ومختلف المجالات يصدقونهم وينخدعون في نفاقهم.
إن ادّعاء الغرب بأنه يحمل رسالة سلام للعالم ينكشف زيفه في كل مرة يتم الاعتداء بها على المسلمين ورموزهم واضطهادهم، وفي المقابل صورة ربما تكون أبشع من سلوك الغرب نفسه ردّ الفعل الخجول على كل هذه الاعتداءت عند العرب والمسلمين حيث البيانات الباهتة التي تحمل استنكارات لا قيمة لها والسكوت على وقاحة زعماء الغرب الذين يرفضون حتى الإعتذار عن ما يقع في بلادهم من جرائم ضد الإسلام والمسلمين، ويعتبرون ذلك كما أشرت من باب حرية الرأي، ثم يأتون ليحملوا المسلمين وزر متطرف يدعي الدفاع عن الإسلام ويقوم بعمل يرفضه الإسلام نفسه، فالتطرف لا يولد الا تطرفا، فإذا أراد زعماء الغرب إغلاق الباب بوجه الإرهابيين الذين يدعون دفاعهم عن الإسلام عليهم أن يقفوا موقفاً حازماً من هذه الجرائم ويقلعوا عن كذبة حرية الرأي والتعبير، وإذا لم يفعلوا ذلك فإن الحديث عن حوار الحضارات والأديان سيتحول إلى صدام بينها ساعتها لن يسلم أحد من نار هذا الصدام.
إن كذب الغرب ونفاقه في حالة الاعتداء على رموز الإسلام والمسلمين لا يختلف ابداً عن موقفه إزاء احتلال فلسطين من قبل الصهاينة وجرائمهم التي ييرتكبونها هناك، فخلف المايكروفونات وأمام الكاميرات يتحدثون بكلام معسول بدعم حقوق الفلسطينيين وخلف الأبواب وعلى الأرض يجددون كل يوم موقفهم بدعم إسرائيل وسكوتهم على القتل والتدمير في فلسطين، وهذا إدانة لهم ولحضارتهم ودفاعهم المزعوم عن حقوق الإنسان وحق الشعوب في الحياة.
هؤلاء لا يفهمون أن محاولة الاعتداء على القرآن لن تصل إليه، لأن الله الذي أنزله تكفل بحفظه إلى يوم الدين " إنا انزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، " بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ"..
ما حدث في السويد وما حدث في دول أوروبية قبلها وما سيحدث مستقبلاً يمثّل صفعة للمسلمين الذين استكانوا لواقعهم الهابط وسلموا مصيرهم لعدوهم، كما هو صفعة لأكاذيب الغرب وادعائه في التحضر والحرية واحترام الآخر.
هناك في أوروبا لا يفهمون الا لغة المال، لأن حياتهم قائمة على المادية، فاذا استعمل المسلمون سلاح الإقتصاد والمقاطعة، ساعتها ستختلف المواقف وتتغير الصورة ويعلم أصحاب الأمر هناك أن محاولات الإساءة للإسلام والمسلمين لن تمر بدون ثمن.