facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




توطين الثقافة


م. بسام ابو النصر
01-07-2023 12:44 PM

في زمن ليس ببعيد كنا نقرأ منشورات تصدر عن دور نشر عالمية، نتتبع المسارات المختلفة لمصادر الثقافة، وكان الكثير منا يتعمق في ثقافة ما فيقرأها قراءة مستفيضة، وينتقد مفرداتها، ويقف على الكثير من منحنياتها، فيكتب الكثير عن المتغيرات فيها، ولا يكتفي بالقليل، وفي أحيان يقوم بزيارة المناطق التي تتبع هذه الثقافة فيكتب عنها بعين الزائر والملاحظ والناقد.

وفي مطلع السبعينيات بدأت الحكومات تضع مناهج وطنية في المدارس تختص بالثقافات المحلية من وجهة نظر الدول نفسها، حيث ظهر هناك تعظيم للمنجزات المحلية، وتم إعادة قراءة للتاريخ والجغرافيا والمجتمع والتربية الوطنية من وجهة نظر خاصة، وظهر كُتاب الصحف المحليين من يهيمون في المنجز المحلي، ويتغنون في التكوين التاريخي لبلادهم، ويربطون بين الوطن والأمة في دلالات واضحة على توطين الثقافة في الحاضن الإقليمي، وهو في الحالة الأردنية يتبع الوطن العربي، والعالم الإسلامي.

والمفيد في القول إن العالم وبعد الثورة الالكترونية بدأ يشهد انكماشًا في المساحات التاريخية والثقافية، ما جعل هناك انهماك في المحليات مع تباعد قيمي أخلاقي عالمي، يقوم الفرد على الإلمام بالأقرب على حساب تجاهل غير مقصود لكل ما هو بعيد، وقد سبقنا في عالم متحضر في الغرب والشرق انتماء الأجيال الى المحلية الفكرية والتاريخيه والثقافية، حيث كان يجهل ساكنو نيويورك مثلا ماذا يحدث في بوسطن وهي مدينة قريبة نسبيًا، وهذا ما يحدث لدينا الان، وعندما نتحدث عن جهل في ثقافة القريب والتعمق في الاقرب، فإننا نتحدث عن السياسة والاقتصاد والاجتماع والتاريخ والجغرافيا، والثقافة تتجاوز ذلك الى الاهتمام وهذا قمة سنام الثقافة، ولذلك يمكن ان يكون الفعل الثقافي فعلا جغرافيًا، وندرك كيف انتقلنا من عصر الثقافة العالمية فالإقليمية، فالمحلية، كيف انتقلنا من دراسة مفصلة للمدن العربية الى التحدث عن تفاصيل في عمان واربد والعقبة، وكيف اننا لم نعد نقيم وزنا لقصيدة " بلاد العرب اوطاني من الشام لتطوان" كنا نعرف الكثير عن قرية تطوان في اقصى المغرب العربي، والان ربما يجهل الاشقاء المغاربة أين تقع هذه القرية الصغيرة التي خصها الشاعر فخري البارودي بأن تكون حدًا لبلاد العرب أوطاني، ويبقى أن نقول أن الثقافة تتوسع بفعل الأداء الحكومي الذي أعطى مساحات واسعة في محاور التعليم والتكوين التاريخي والسياحة والقيم والشكل اللغوي للمكان، ويكاد أن يبلغ الفعل المحلي بدعم من المنظمات الدولية على إنشاء لغات وطنية هي مزيج اللغة الرسمية ولهجة المنطقة مع لغات عالمية ذات تأثير حضاري.

إن الثقافة الوطنية في بعدها المحلي تستعيد مراحل تاريخية قديمة لكنها مع التطور التكنولوجي تستلهم الكثير من ثقافة المدن الكبيرة وقد أستطاع الاستعمار ان يكرس الى ثقافة الأقاليم، والمناطقية التي ستؤرخ لتوثيق ثقافة جديدة مرتبطة بالاوطان، فما حاربناه ندافع عنه، والحدود التي انفناها، الفناها، فصارت مقدسة في الدفاع عنها بعد ان كانت خطوطًا وضعها محتل أو مستعمر، فالشام بعد أن كانت وطنًا صغيرًا صارت أربع أوطان، ولم تعد هيجنة " شدو على الركايب" في دول سوريا الطبيعية هي جزء مما يجمع تراثهم ، ودول المغرب العربي إختلفت في كل شيء حتى في شكل الكوسكوس " الأكلة الشعبية " لديهم، وصار المراكشيون يختلفون مع الحزائريين في معظم القيم والعادات، وقس على ذلك ما يفعله اشقاءنا في الباكستان وبنغلادش، وما حدث للعرب الذين كانوا جزءًا في الجغرافيا من نصيب ايران في الاهواز، ونصيب تركيا في انطاكيا والاسكتدرون، فوجدنا جزءًا منهم يدافع عن كينونته الجديدة بعد أن كان يتغنى بعروبته القديمة، وسيكتب التاريخ عن انقسامات جديدة، في كل الدول التي حملت في ثقافتها اتساع في الجغرافيا كما يحصل في الاتحاد السوفيتي واوروبا الشرقية، ولن يتسنى للكثير من الثقافات ان تتحد، فما يتجزأ لن يتحد مهما كانت وسائل التوحيد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :