facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




"السوبر جدة" تسيطر على البرلمان!


د. محمد عبدالله اليخري
30-06-2023 08:07 PM

في تحول غير مسبوق للأحداث، انقلب المشهد السياسي رأسا على عقب مع حصول الجدة على مقعد في البرلمان عوضا عن الشباب. ترك هذا الإنجاز الرائع الأمة تتساءل عن سلامة نظامها السياسي. في حين أن البعض قد يسخر من فكرة الجدة، السيدة العجوز اللطيفة، التي تمتلك السلطة التشريعية، فأنا أزعم أن صعودها إلى البرلمان يجلب موجة جديدة من النظريات النفسية ويتحدى مفاهيمنا المسبقة عن السياسة.

الحكمة من التجربة:

لطالما تم تبجيل الجدات، مثال الحكمة والخبرة، باعتبارهن حافظات لدروس الحياة القيمة. من نقل الأخلاق إلى حل النزاعات المحلية، لديهم منظور فريد اكتسبوه عبر سنوات من المراقبة والتفاعل مع العالم. هذه الحكمة، عند تطبيقها على الساحة السياسية، يمكن أن تكون بمثابة قوة فعالة للتغيير. من الناحية النفسية، يتماشى مع نظرية إريك إريكسون للتطور النفسي والاجتماعي، حيث يدخل الأفراد الأكبر سنا مرحلة النزاهة مقابل اليأس "مابخجلوش وبدجوها دج"، ويسعون إلى المساهمة وترك تأثير ذي مغزى على المجتمع. إن وجود الجدة في البرلمان يوفر فرصة للاستفادة من هذه الحكمة وبث شعور أعمق بالهدف في السياسة وقد تساهم أحيانا في مشاركة زميلاتها وصفات لأكلات تراثية وشعبية مثل "طريقة عمل المكمورة" وخباياها واسرارها او "الرز الحامض".

الجدة منبع التعاطف:

إحدى السمات التي لا يمكن إنكارها التي تمتلكها الجدات هي قدرتهن غير العادية على التعاطف. من خلال سنوات من رعاية أحبائهم، شحذوا قدرتهم على فهم احتياجات واهتمامات الآخرين. يؤكد عالم النفس كارل روجرز على أهمية التعاطف في تعزيز العلاقات الإنسانية الإيجابية. لا شك أن النظام البرلماني المشبع بالطبيعة المتعاطفة للجدات سيعطي الأولوية لرفاهية مواطنيه كيف لا وهن منبع الحنان والعطف. يمكن لنهج الجدة المتعاطف أن يمهد الطريق لتشريعات أكثر تعاطفا، مما يؤدي إلى مجتمع يلبي حقا احتياجات أعضائه، عن "احتياجاته المادية والمعنوية والحقوقية" بحكي، بس بدنا ندير بالنا الجدات كمان "بدلعوا ليخربوا وبيطعموا ليفزروا".

الجدة والدبلوماسي الماكر:

في حين أنه قد يكون من المغري التقليل من شأن الفطنة السياسية للجدة بسبب عمرها، يجب ألا ننسى أن الجدات هن صناع الدبلوماسية. في عدد لا يحصى من التجمعات العائلية، فهن قادرات على نزع فتيل التوترات بمهارة وحل النزاعات بلمساتهن الماكرة واللطيفة الا إذا "انكسر قوار الزريعة". وبتطبيق هذه الخبرة على عالم السياسة، يمكن للجدة الإبحار في المياه الغادرة للمناقشات البرلمانية، وسد الفجوات الأيديولوجية وتعزيز التعاون. واستنادا إلى نظرية حل النزاعات، فإن وجودها يمكن أن يضخ الكياسة والتعاون اللذين تشتد الحاجة إليهما في بيئة سياسية صاخبة كتِلك التي في البرلمان.

الجدة وصناعة جيل جديد:

يبشر تمثيل الجدات في البرلمان بتحول نموذجي، يتحدى تحيزاتنا العمرية ويحتضن تنوع وجهات النظر. تشير نظرية الهوية الاجتماعية لعالم النفس الاجتماعي هنري تاجفيل (Henri Tajfel) إلى أن الأفراد يستمدون شعورا بقيمة الذات والانتماء من عضوية المجموعة، فما بالك إذا كان ذلك مستمد من منبعها من تلك الجدة التي عاشت طيلة عمرها تحب الوطن وترابه وتتحدث عن تراثه وعاداته وتقاليده في كل قصصها.

أعلم أننا نشجع مشاركة الشباب في الحياة البرلمانية والسياسية ولكن ومن خلال كسر القالب التقليدي، يمكن لوجود الجدة أن يلهم المجموعات الأخرى الممثلة تمثيلا ناقصا، ويشجعها على المشاركة بنشاط في العملية السياسية. ومن شأن هذا التحول أن يعزز ديمقراطية أكثر شمولا، ويعزز فكرة أن أي شخص، بغض النظر عن العمر أو الخلفية، يمكن أن يساهم بشكل هادف في الحياة السياسية والبرلمانية.

في حين أن فكرة فوز الجدة بمقعد في البرلمان قد تبدو في البداية وكأنها تطور كوميدي، الا أن الخوض في أعماق النظرية النفسية يكشف عن التأثير العميق الذي يمكن أن يحدثه ذلك على مشهدنا السياسي. إن حكمة الجدة وتعاطفها وبراعتها الدبلوماسية وقدرتها على إلهام التغيير ليست سوى عدد قليل من الأسباب العديدة التي تدعو إلى الاحتفال بفوزها. لذا دعونا نحتضن ثورة الجدة، لأننا بذلك نفتح الأبواب أمام المستقبل اذ أن السياسة ليست مجرد لعبة قوة، بل منصة للتعاطف والتفاهم والتقدم والازدهار بوطن لا يستحق الا كل خير.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :