الأحزاب محور رسائل لقاء الملك ..
د. نضال القطامين
28-06-2023 11:56 AM
واضح تماما أن الأحزاب إلى حد بعيد، هي المعنية بتنفيذ الإشارات التي وردت في حديث الملك قبل أيام.
كلّما رأى ذلك ضروريا، يعيد جلالة الملك التأكيد على حتمية الوصول لنهاية الطريق في الإصلاح السياسي. لا يمكن قراءة رسائل اللقاء الملكي الأخير سوى في مشهد واحد؛ ثمة فجوات واسعة ما زالت تشكل عوائق أمام اكتمال رؤية التحديث السياسي.
ما تزال الأحزاب في الأردن تمشي بخطى بطيئة نحو أن تكون أحزابا يوثق بها كي تدخل معترك الانتخابات وتفوز، ذاك أنها ما تزال بعيدة عن أبرز ما يأمله الناس منها.
بقيت الأحزاب المرخصة وتلك التي تنتظر، بعيدة عن قراءة المعطيات السياسية والمتغيّرات في الإقليم، تلك التي تستدعي التحوّل من خندق حزب الأسماء اللامعة إلى ميدان حزب الجماهير المفتوح، الأمر الذي أرغمها على البقاء بشكلها الذي يعرفه الناس، أمينا عاما ذا اسم برّاق، وعددا قليلا يشكلون الهيئة العامة والمجالس المركزية والهيئات الإدارية وبقية المناصب التي لا يعرفها أحد ولا يعرف أدوارها.
سبعة وعشرين حزبا قائمة وفق القانون، وقريب منها من ينتظر تصويب أوضاعه والتقدم للترخيص. عدد كبير ومقلق في آن معا، عدد يطرح أسئلة عن حجم أعداد منتسبيها وعن القواسم المشتركة في برامجها وعن حجم التمثيل الشبابي فيها، وهي إجابات محرجة لا أحد باستطاعته الإفصاح عنها.
المقلق في الأمر، أن قانون الإنتخاب خصص لهذه الأحزاب نحو ثلث مقاعد مجلس النواب القادم وعلى ثلثي المجلس الذي يليه، وكامل مقاعد المجلس الثالث، وفق جدول زمني قدمته لجنة تحديث المنظومة السياسية.
فهل تعتقدوا بأن الأحزاب بشكلها الحالي، قادرة على استقطاب الشارع الأردني الذي ما زال يرزخ تحت وطأة البطالة وفرص العمل المتواضعة التي يقدمها الإقتصاد البطيء؟ سؤال صعب وكارثي بالطبع.
ما الذي ينبغي على الأحزاب فعله كي تستمر وفق رؤية الإصلاح السياسي التي يقودها جلالة الملك؟ الكثير، وفي طليعته، ما أشار له جلالة الملك، من " الاستفادة من الفترة المقبلة لبناء برامج واقعية وواضحة لإقناع الناخبين بها، وأن رفع نسب التصويت في الانتخابات المقبلة لن يتحقق سوى بتحفيز المواطنين على المشاركة الفاعلة في عملية التحديث السياسي، وتشجيعهم على الترشح والانتخاب بخاصة الشباب والمرأة، وأن المشاركة الفاعلة تتطلب أن يشعر المواطن بأن الأحزاب السياسية تعمل بجدية لترجمة برامجها على أرض الواقع، والانتقال من مرحلة الشعارات إلى تحقيق النتائج."
وفق هذه الإشارات، يتعيّن على الأحزاب اجتراح وسائل للإلتصاق في الشارع وقطاعاته المختلفة، وتغيير أسس استقطاب الشباب بالتعاون مع المشاريع الحكومية وغيرها مثل مشروع الثقافة الحزبية الذي أطلقته مؤسسة الملك عبد الله للتنمية، الذي يهدف إلى تحسين التواصل بين الأحزاب السياسية والشباب عبر تقديم إطار مؤسسي لنشر الثقافة الحزبية، تماشيا مع جهود دعم التحديث السياسي.
قبل ذلك، يتعيّن على الأحزاب أن تضع في أولوياتها القصوى، مشاريع الإئتلاف والدمج، وتوحيد برامج الإصلاح والتنفيذ التي تسوق نفسها بها للناس، على ما في الساحة الآن من تداخل ضار في هذه البرامج، يتوجب أن يختفي منها التنظير والمثاليات وأن تلتصق من جديد بواقع الإقتصاد وسوق العمل، فضلا عن اعتماد معايير ووسائل قياس تنظر في كفاءة البناء الإداري في الأحزاب ومعرفة قدراتها في تسويق برامجها لاستقطاب الناس، والمرونة في التوائم مع المتغيرات، ومنح القيادات الشبابية في الحزب فرص اتخاذ القرار.
في سياق ذلك كله، لا بأس في هذه المرحلة، من أن تشارك الأحزاب المكتملة ترخيصا وبرامج، في الحياة السياسية والإقتصادية العامة، وذلك بتوجيه النصح للحكومة وإدامة التماس مع مجلس النواب في توسيع قاعدة الرقابة والنقد البناء، بما يسجل لها حضورا مفيدا في اقناع الناس بها والشباب على وجه الخصوص…