حنيني إلى طُفولَةِ العِيد ، إلى دِفئِ العائِلة بِهذا اليَومَ خِصّيصَاً حَنيناً لا يَنتهي
جاءَ عيدُنا هَذا وَأنا فِي أوائِلَ العِشرينَ ، وما زِلْتُ أشْعُرْ وَكأَنَّنِي بالسَّابِعَةِ أو الثامِنَةِ مِنْ عُمرِي...
فِي هَذِهِ اللَّيلَةِ تَحديداً لا استَطيعُ الرُّقودَ على سِريرِي كأيِّ يَومٍ آخرٍ ، أُطفيُ إنارةَ البَيتِ مُستَجلبَةً النَّومَ والهُدوءَ ، لكنَّما شيئَاً ما يبقى مُشتعِلاً بِداخِلي ..
انتَظرُ صَوتَ التَّكبِيراتِ قَبْلَ الصَّلاةِ وَبَعدَها وَلَمْعَةَ أَعْيُنِ الحاضِرينَ وَقَتَذاكِ بَينَما تَحُفُّ في أرجاء المَنزِلَ رائِحَةُ القَهوَة وَتُخالِطُها نَسمة البخورِ وطيبُ الحلوى ممن أحضرتَه أمي غاليتي وشَمعَة مَنزِلي ، وَسَكاكِرُ الأَطفالِ وَأثوابُ العِيدِ وضَجيجُ قَرعِ الأجراس وضجَّة الشَّوارِعَ وأزَماتِ الزِّياراتِ واللقاءَاتِ حَيثُ لا اتَخطَّى العابِرينَ سَبيلاً فِي الطُّرقاتِ مِنْ طِفلٍ أَو مِسكينٍ دُونما أُلقِ فِي يَدِهِ شَيئَا يَسِّرُّ قَلبهِ ...
" لطالما أغمرت السعادَةَ قلبَ المُعطي قَبْل المُتَلَّقِي "، وفي ذات الوقتِ لا زلتْ أنا أنتظرُ "عيدية العيدِ " مِن والدِي عَزيزي مَدَّ اللهُ فِي وُجودِهِ وَصِحَّتِهِ ، ومِمَّنْ تَبِعَهُم مِنَ الأقارِبَ والأحِبَّةِ
ويتلو ذَلِك تَقبِيلٌ ومُصافَحَةٌ وأَغانِّيَّاً مَمزوجَةً بِفيضَاً مِنْ مشاعر الأُلفةِ والفَرَحِ لِلعائِلَةِ والأَصدِقاءِ والرِّفاقِ ولِمَنْ عَبَرَ سَبيلُنا يَومَا وإن اختَلفَ دينَه دينَنا
فَرْحَةُ أعْيادِنا دائمةٌ دَؤوبةٌ مُستَمرَّةٌ لا تَنتهي ، وَلا تَنقَضِي
كلٌّ عَامً ونحن وأَنْتمْ فِي عِناقٍ لا يَنقَطِعْ مِن الفَرَحِ وَالمَحبَّةِ والسَّعادةِ