هل يستسلم الغرب أمام تيار المثلية؟
داود عمر داود
25-06-2023 12:39 PM
في ضوء الحملة المحمومة للترويج للشذوذ والمثلية، انتشر مقطع فيديو قديم جرى تداوله، مؤخراً، للناقد والكوميدي الإيرلندي الساخر، الراحل ديف ألين، فضح فيه ممارسات الشذوذ في الغرب، وسخر من تهاون القوانين مع الشاذين، وصولا إلى تمكينهم في المجتمع، حتى أصبحوا يجاهرون بهذه الفاحشة، ويفتخرون بها. وها هم قد تمكنوا اليوم وأخذوا يسعون لتصدير خبائثهم إلى باقي العالم، بالإكراه، خاصة المجتمعات العربية والإسلامية.
مراحل تعامل الغرب مع المثلية:
لقد كان للممثل الساخر ديف ألين بُعدُ نظرٍ وإستشرافٌ للمستقبل عندما تناول موضوع المثلية في حلقة على شاشة التلفزيون البريطاني، عام 1972. وها نحن نرى أن كل ما توقعه يتحقق بعد نصف قرن. قال ألين في المقطع: (قبل أيام كنت أتحدث مع رجل ينوي الهجرة من البلاد. فسألته لماذا ستهاجر؟ فأجاب: بسبب الشذوذ. فسألته: ماذا تقصد؟ (فرد بعبارات تكشف مراحل تعامل الغرب مع الشذوذ)، قال: عقوبة الشذوذ قبل 300 عام كانت الإعدام شنقاً أو بالإغراق. وقبل 100 عام أصبحت العقوبة هي الإعدام شنقاً. وقبل 50 عاما أصبحت العقوبة هي الجلد والسجن عشرين عاماً. وقبل 20 عاماً كانت العقوبة غرامة قدرها 200 جنيه، والسجن عامين. وقبل 5 سنوات، اقتصرت العقوبة على غرامة مالية بسيطة مع تعهد. فسألته: ولماذا تنوي الهجرة من البلاد؟ فقال: (سأرحل قبل أن يجعلوا الشذوذ إجبارياً)، وهنا ضجت قاعة المسرح بالضحك والتصفيق.
ضعف موقف المعارضين:
وما دام العالم في مرحلة (جعل الشذوذ إجبارياً) نستذكر ما قام به، قبل عدة سنوات، قضاة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ومقرها ستراسبورغ بفرنسا، حين أصدروا بيانأً عارضوا فيه المثلية، وقال القضاة، وعددهم 47 قاضياً يمثلون 47 دولة أوروبية: (انه لا يوجد حق في المثلية)، واستند موقفهم إلى (اعتبارات فلسفية وأنثروبولوجية يقوم عليها النظام الطبيعي، والفطرة السليمة، والتقارير العلمية، والقانون الوضعي).
الإحتكام إلى المواثيق الدولية:
واستند القضاة في بيانهم إلى ما ورد في بعض المواثيق الدولية مثل الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ورغم حُسن نوايا القضاة الأوروبيين، في محاربة المثلية، إلا أن النصوص التي استشهدوا بها، من هذه المواثيق، غير ملزمة للحكومات أولاً، ولا تحمل قوة القانون ثانياً، إضافة إلى كونها ضعيفة، لا تُحرم ولا تُجرم المثلية.
النفق المظلم:
وعليه نكتشف أنه لا يوجد في الحضارة الغربية، بكل مفاهيمها، وقوانينها، ومواثيقها، وأدبياتها، ما يدعو بصراحة ووضوح إلى تجريم أو تحريم المثلية. ولذلك لم يجد قضاة أوروبا ما يسعفهم من أدوات تساعدهم على اتخاذ موقفٍ قويٍ، فعالٍ، ومؤثرٍ، ومقنعٍ، يكون مستنداً إلى أرضية صلبة.
والسبب أن الغرب يفتقر إلى ما يمكن أن يتصدى للرذيلة. فمجتمعاتهم غير متفقة على قيم موحدة للأخلاق والفضيلة، وغير متفقة على مُثل عليا مشتركة بينها، ولا يوجد لديها وازع ديني، يحول بينها وبين الفواحش، بعد أن بيعت دور العبادة، المتمثلة بالكنائس، في المزادات العلنية. وما يزيد الطين بلة موقف بابا روما الداعم للشذوذ. ولا يوجد لدى الأوروبيين غير الانقياد للولايات المتحدة، والسير خلفها في نفق المثلية المظلم المدمر.
الإلحاد مرتبط بالشذوذ:
لقد ارتكبت الولايات المتحدة جريمة تاريخية نكراء عندما بدأت حملتها المسعورة، لجعل البشر يتقبلون هذا السلوك الإنحرافي الخطير، كي يصبح سلوكاً مألوفاً. واشتدت وتيرة هذه الحملة، لفرض المثلية عالمياً، مع مجيء إدارة بايدن، الموصوفة باليسارية والإلحاد. علماً أن الشذوذ تاريخياً مرتبط بالإلحاد.
ومع تصميم هذه الإدارة الديمقراطية على نشر الشذوذ، فهي تبدو وكأنها في سباق مع الزمن، لإنجاز المهمة على عجل قبل انتخابات الرئاسة، عام 2024، التي ربما تفوز فيها إدارة يمينية توقف ما تقوم به إدارة بايدن في هذا المجال.
خلاصة القول: صرخة في واد:
لقد حاول قضاة أوروبا وغيرهم، منذ سنوات، نهي قومهم عن الخبائث، لكن نهيهم ذهب أدراج الرياح، وكان ضعيفاً خافتاً، بدون إلحاح، وكأنه صرخةٌ في واد، فلم يُسمع لها صدىً. ودليل ذلك هو استقواء التيار الذي يروج للمثلية، وإكتسابه المزيد من الزخم مع مرور الوقت. فأضحت المعركة الآن بين الفضيلة والرذيلة، وبين الاستقامة والانحراف، وبين القيم والأخلاق وانعدامها.
ونجد من تجارب أقوام آخرين، عبر التاريخ الإنساني، أن هناك صفاتاً اخرى سيئة تلازم مجتمعات الشواذ، منها إنكار وجود الخالق، والإجرام، والفساد، وقطع الطريق، ونهب أموال الناس، والاعتداء عليهم. وهذه ممارسات اعتادت عليها المجتمعات التي مارست الاستعمار، وما زالت تمارسه. فلن تكون عاقبتها إلا الهلاك، جراء إصرارها على مخالفة الفطرة السليمة.