في خضم ماراثون الترشح للانتخابات الرئاسية الأميركية المقرر إجراؤها في تشرين الثاني 2024، تحتدم المنافسة في صفوف الجزب الجمهوري, الذي يتعرّض أبرز مرشحيه وأكثرهم شعبية الرئيس السابق/ترمب لمصاعب شتّى, على نحو «أغرى» بعض قادته لمنازعته واستبعاده, خاصّة في ظل لوائح الإتهام المتعددة التي توجه إليه, وعلى رأسها مسألة الإحتفاظ بوثائق سريّة (دع عنك قضايا التحرّش الجنسي والاغتصاب).
نقول: في إطار مشهد كهذا يبرز أحد «نجوم» الحزب الجمهوري, وهو حاكم ولاية فلوريدا رون دي سانتيس الذي اختار أن يبدأ حملته الإنتخابية بالإنبطاح أمام اللوبي اليهودي الصهيوني في أميركا, ومخاطبة الجمهور اليهودي داخل كيان العدو الصهيوني, عبر صحيفة «إسرائيل اليوم» المُقربة من نتنياهو والناطقة باسم اليمين الفاشي الإستيطاني العنصري.
يقول حاكم ولاية فلوريدا والذي يُتوقّع ان يكون المنافس «الأقوى» لترامب على بطاقة الحزب الجمهوري, في مواجهة مرشّح الحزب الديمقراطي سواء كان بايدن أم غيره. يقول ردّاً على سؤال عمّا إذا كان «سيُؤيد تطبيق السيادة الإسرائيلية على «أجزاء» من الضفة الغربية في حال إنتُخِب رئيساً لأميركا: لطالما عارضتُ التأكيد على أن الضفة الغربية هي مناطق مُحتلة, لافتاً إلى أن الضفة الغربية هي «أغنى المناطق» وأكثرها أهمية, من الناحية التاريخية للشعب اليهودي ويعود تاريخها إلى زمن الكتاب المُقدّس, مضيفاً بـ نعم.. كانت هناك خطّة تقسيم?في الأربعينيات، لكن العرب رفضوها وقرّروا خوض الحرب، لذا استطردَ دي سانتيس بـ فهي «ليست منطقة مُحتلة، بل منطقة مُتنازع عليها».
بهذه المواقف يُقدم هذا الجمهوري المُنافق والأرعن, أوراق اعتماده ليهود أميركا وصهاينتها ولم يتردّد في الذهاب بعيداً لتملق أركان الإئتلاف الفاشي العنصري الذي يقود دولة العدو قائلاً في صلف: ان الحجج الإسرائيلية لحيازة الأرض تفوق ايّ حجّة أخرى, واسرائيل – يضيف– واسرائيل لها الحق في التصرّف على هذا الأساس. مُذكّراً قادة اسرائيل عبر الصحيفة اليمنية المتطرفة: أنه كان أول مسؤول أميركي مُنتخب أقام فعاليات عامّة في الضفة الغربية, مُواصلاً القول: «لقد فعلت ذلك في عام 2019 في جامعة أرئيل» (جامعة ارئيل في مُستوطنة ارئي? هي الجامعة الصهيونية الوحيدة في الضفة المحتلة. تأسست عام/1982 ككلية جامعية, تم الإعتراف رسمياً بها كجامعة, وعدد طلابها يصل إلى 15 الف طالب).
أوراق اعتماد حاكم ولاية فلوريدا الأميركية لم تكن ولن تكون الأولى, في معركة الرئاسية الأميركية في العام/,2024 والصورة ستتظهّر على نحو مُضطرد بدءاً من تشرين الثاني المقبل. عندما يبدأ السابق داخل صفوف الحزبين الكبيرين الديمقراطي/والجمهوري وتحديد مواعيد المناظرات بين المُترشحين للفوز بثقة منتسبي كل حزب. وهو ما يواصل الرئيس الحالي بايدن وفريقه العمل عليه بدأب ومُثابرة, ونقصد التودّد للّوبي اليهودي/ الصهيوني داخل أميركا تماماً كما خارجها, باتجاه اسرائيل حكومة وجمهوراً. حيث تصرف إدارته النظر عن جرائم جيش الإحتلال?وارتكاباته, مُواصِلة اصدار بيانات التعبير عن «القلق» سواء من المجازر التي تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني, أم خصوصاً في عربدة قطعان المستوطنين وإحراق ممتلكات سكانها على النحو الذي جرى في بلدة ترمسعيا (حيث ازيد من 90% من سكّانها يحملون الجنسية الأميركية أو الإقامة الدائمة فيها (جرين كارد) وقبلها وبعدها تخريب واحراق بلدة حوارة. فضلاً عن إقرار المزيد من بناء المستوطنات ومصادرة بيوت فلسطينيي القدس.
زد على ذلك التواطؤ الأميركي مع حكومة نتنياهو لبث المزيد من الضعف في صفوف سلطة الحكم الذاتي في رام الله وتهميشها, على نحو يمنح الذريعة لحكومة الإحتلال كي تقول انها تقوم بعمليات الإقتحام والقتل والإعدامات في جنين ونابلس ومخيماتها «نيابة» عن سلطة رام الله التي لا تقوم بواجبها.
ليس المقصود الإشارة إلى تصريحات النجم الجمهوري الصاعد حاكم فلوريدا/ دي سانتيس التغطية أو صرف النظر عن سوء وتواطؤ قادة الحزب الديمقراطي, بل الإشارة إلى رهط متزايد في الحزب الجمهوري, قرّر ان «يبتزّ» وبزايد على ترمب صاحب «صفقة القرن", ومنهم رئيس مجلس النواب/الجمهوري مكارثي أحد أبرز الوجوه الصاعدة في المعترك السياسي الأميركي, الذي منحته حكومة نتنياهو «شرف» إلقاء كلمة أمام الكنيست لمناسبة مرور 75 عاماً على إعلان قيامها/نكبتنا. (كثاني رئيس لمجلس النواب الأميركي يلقي كلمة أمام الكنيست بعد نيوت غينغرتش عام 1998)، ?ا اعتبره مراقبون ضربة قويّة للرئيس بايدن، كون الأخير لم يدعُ نتنياهو منذ تشكيل حكومته حتى الآن لزيارة البيت الأبيض.
**استدراك:
قال حاكم فلوريدا/دي سانتيس ردّاً على سؤال: هل القدس عاصمة أبدية لإسرائيل؟:"لا أعتقد أن الرئيس بايدن مُلتزم حقّاً بالحفاظ على السفارة الأميركية في القدس, اعتقد –أضافَ– انه يُؤمن بحدود/67، لكن -واصلَ- بالنسبة لنا ستبقى القدس عاصمة غير قابلة للتجزئة لإسرائيل وللشعب اليهودي. بالنسبة لي –خَتمَ– هذا واضح جدّاً.
kharroub@jpf.com.jo
الرأي