أصبح التلوث البلاستيكي قضية عالمية ملحة، والأردن ليس استثناءً. حيث تشكل المواد البلاستيكية بشكل عام وذات الاستخدام الواحد Single Use Plastics تحديات بيئية كبيرة تهدد النظم البيئية والحياة البحرية والبرية وصحة الإنسان. ولمكافحة هذه المشكلة بشكل فعال، أصبح من الضروري أن يتم تطوير خارطة طريق شاملة تتضمن حملات التثقيف والتوعية، ومبادرات التوسيم labeling initiatives، والفرص المصرفية والاستثمارية الخضراء. ومن خلال اعتماد نهج متعدد الأوجه، يمكن للدول ومنها الأردن أن تمهد الطريق نحو تقليل الدعم الإضافي وتحقيق مستقبل أنظف وأكثر استدامة.
وتلعب المؤسسات المالية والمستثمرين دور هام في مكافحة النفايات البلاستيكية. فمن خلال دمج المعايير البيئية في سياسات الإقراض والاستثمار، يمكن للبنوك والمؤسسات المالية أن تدعم الشركات الملتزمة بخفض الدعم المقدم. ويمكن أن يشمل ذلك تقديم حوافز أو قروض أو أسعار تفضيلية للشركات التي تطبق ممارسات التعبئة والتغليف المستدام وإدارة النفايات.
علاوة على ذلك، فإن الاستثمار في تقنيات إعادة التدوير المبتكرة والبنية التحتية يمكن أن يعزز قدرة الأردن على إدارة النفايات البلاستيكية بشكل فعال. ومن خلال تخصيص الأموال للمبادرات التي تعزز نماذج الاقتصاد الدائري، يمكن للأردن تشجيع تطوير مرافق إعادة التدوير ومشاريع تحويل النفايات إلى طاقة، وبالتالي تقليل الاعتماد على مدافن النفايات وتعزيز نظام إدارة نفايات أكثر استدامة.
وتتطلب معالجة قضية البلاستيك أحادي الاستعمال شراكات تعاونية بين المؤسسات الحكومية والشركات ومنظمات المجتمع المدني والمجتمعات. كما يمكن أن يؤدي إشراك أصحاب المصلحة في الحوارات المنتظمة وتعزيز التعاون إلى تطوير وتنفيذ استراتيجيات فعالة.
كما يمكن أن تشجع الشراكات مع الشركات المحلية على تبني ممارسات مستدامة، مثل تقديم حوافز للشركات التي تقلل من العبوات البلاستيكية أو توفير الموارد للانتقال إلى البدائل الصديقة للبيئة. ويمكن أن يساعد التعاون مع منظمات المجتمع المدني في تضخيم تأثير حملات التثقيف والتوعية، وتوسيع نطاقها وفعاليتها.
ولا يمكن المبالغة في أهمية وجود استراتيجية مصرفية خضراء في عالم اليوم، حيث أصبحت الاستدامة البيئية ضرورة عالمية. حيث تشير الأعمال المصرفية الخضراء إلى دمج الاعتبارات البيئية ومبادئ الاستدامة في عمليات صنع القرار في المؤسسات المالية. فمن خلال اعتماد استراتيجية مصرفية خضراء، يمكن ضمان توجيه أموال البنوك والمؤسسات المالية نحو المشاريع والأعمال الصديقة للبيئة التي تعطي الأولوية للاستدامة. فهذا النهج يساعد في توجيه الموارد إلى قطاعات مثل الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة والزراعة المستدامة، والتي تساهم في تقليل انبعاثات الكربون وتخفيف تغير المناخ.
ومن خلال دمج تقييمات المخاطر البيئية في قرارات الإقراض والاستثمار، يمكن للبنوك تحديد المخاطر المحتملة المرتبطة بالأنشطة الضارة بيئيًا والتخفيف من حدتها. فهذا النهج الاستباقي يساعد في حماية المؤسسات المالية من الآثار السلبية للأحداث المتعلقة بالمناخ والتغيرات التنظيمية ومخاطر السمعة.
ولا شك بأن الاستراتيجية المصرفية الخضراء تعزز من سمعة البنوك، وتجذب العملاء والشركات المهتمة بالبيئة والتي تسعى إلى إقامة شراكات مع المؤسسات التي تتماشى مع قيمها. من خلال إظهار الالتزام بالاستدامة ، يمكن للبنوك تمييز نفسها في السوق واكتساب ميزة تنافسية.
كما يمكن أن يؤدي الاستثمار في المشاريع والأعمال التجارية المستدامة بيئيًا إلى استقرار مالي طويل الأجل. فقد أظهرت القطاعات الخضراء، مثل الطاقة المتجددة، إمكانات نمو قوية ومرونة في مواجهة تقلبات السوق. فمن خلال تنويع محافظها الاستثمارية ودعم المبادرات المستدامة، يمكن للبنوك تقليل التعرض للصناعات كثيفة الكربون ويحتمل أن تحقق عوائد مالية أفضل على المدى الطويل.
وتجدر الاشارة الى أن الخدمات المصرفية الخضراء تشجع المؤسسات المالية على استكشاف المنتجات والخدمات المالية المبتكرة التي تدعم التنمية المستدامة. وهذا يشمل تقديم قروض خضراء، ورهون عقارية خضراء، وخيارات استثمارية تعطي الأولوية للمشاريع الصديقة للبيئة. بالإضافة إلى ذلك، تعزز الخدمات المصرفية الخضراء التعاون بين المؤسسات المالية والشركات والوكالات الحكومية لتطوير آليات تمويل مستدامة والتصدي للتحديات البيئية المعقدة بشكل جماعي.
البنك الاردني الكويتي أصدر في شهر آذار الماضي أول سند أخضر في الاردن، وسيخصص البنك العوائد من هذا السند لتمويل المشاريع والأصول الخضراء والتي تتضمن مشاريع الطاقة المتجددة، والسيارات قليلة الإنبعاثات الكربونية ، والبنية التحتية الخضراء والمباني الخضراء والأنظمة الموفرة للطاقة وموارد المياه وإعادة التدوير والإقتصادات الدائرية المستدامة.
نتوقع أن يعلن البنك المركزي الاردني عن استراتيجيته المصرفية الخضراء في الايام المقبلة والتي سيكون لها أثر كبير في تنظيم هذا القطاع الهام لما له من انعكاسات ايجابية هامة على الاقتصاد والبيئة والاعمال.
وأخيراً، لا بد من التأكيد على أن الاستراتيجية المصرفية الخضراء يجب أن تتماشى مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة (SDGs) ، ولا سيما الهدف 13 (العمل المناخي) والهدف 7 (الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة). فمن خلال الدعم النشط للمشاريع التي تعالج هذه الأهداف، يمكن للبنوك المساهمة في جهود الاستدامة العالمية وإحداث تأثير إيجابي على المجتمع.