الرئيس التنفيذي لـ ميناكوم يتحدث عن مستقبل الاتصال المؤسسي في ظل البيئة الرقمية
24-06-2023 03:44 PM
مستقبل الاتصال المؤسسي في ظل البيئة الرقمية: رؤى وتصورات مع الرئيس التنفيذي لمجموعة ميناكوم للاتصال التسويقي -الأردن، ريليا يوڤيتش
عمون - أسفرت التحولات الهائلة في المشهد الإعلامي العالمي منذ عقد عن تحولات جذرية متواصلة في عالم الاتصال المؤسسي، وذلك في ظل تراجع سمة المركزية التي كانت تتبناها وسائل الإعلام مقارنة عما كانت عليه مطلع القرن، وسطوع نجم المنافذ الإعلامية الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي بما تنطوي عليه من برامج متخصصة ومتنوعة، كمصدر أساسي للوصول للمعلومات بالنسبة للكثيرين، على حساب الطرق التقليدية.
هذه العوامل التحولية بما فيها التكنولوجية، طالت عمل خبراء الاتصال المؤسسي والعاملين في هذا المجال، والذي بات أكثر تحدياً وتعقيداً؛ إذ كان الأمر يتمحور سابقاً حول الاستهداف العام للجمهور ككل، مع رسائل موحدة للجميع، فيما أصبح اليوم يركز على تطوير رسائل مصممة بعناية ودقة، مع التركيز على كل فئة مستهدفة على حدة، حسب اهتماماتها وميلها للتفاعل، ما يستوجب حالياً الكثير من الجهد المنظم.
وبرغم التطور الجاري في الاتصال المؤسسي، بفضل التحولات التي توصف بالإيجابية، تشير التنبؤات لمزيد من التطور، مع مساحة واعدة كبيرة لتعزيز القدرة بنحو غير مسبوق على قياس تأثير عمل الخبراء والعاملين كأفراد ومؤسسات، خلافاً لما هو عليه الأمر الآن وسابقاً، ولكن شريطة معرفة كيفية الاستفادة من هذه التحولات.
ولتوضيح الأمر، فإن القدرة على تلبية حاجة العملاء من الشركات والتي ترصد الاستثمارات لإنفاقها في مجال الاتصال المؤسسي، لتحديد العوائد الاستثمارية مع أرقام دقيقة ورؤية أكثر وضوحاً، وتلبية متطلبات المدراء التنفيذيين من الإدارات العليا، بإيجاد الروابط والنسب الإحصائية بين الإنفاق على حصة العلامة التجارية من ناحية الانتشار ووصول الرسائل المحددة للجمهور، وعوائد هذا الإنفاق من مبيعات وأرباح ونمو، لن تكون متاحة لدى خبراء الاتصال المؤسسي والعاملين في المجال؛ لصعوبة استخلاص تلك الأرقام والتحقق منها، حتى في عصر البيانات الحالي، مع النهج التقليدي السائد ودون تبني أدوات الذكاء الاصطناعي لدورها في فتح الآفاق أمام المجال وعملياته.
ولا عجب أن الاتصال التسويقي المتكامل بفروعه، ومنها الاتصال المؤسسي، يتابع ويسعى بجدية للاستفادة من هذه الأدوات لانعكاسها على تطوير عملياته، وعلى قدرته على تلبية حاجات العملاء من الشركات، خاصة مع الأرقام التي كشف عنها تقرير شركة ماكنزي الأخير حول أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية المتوقع لها إضافة ما تصل قيمته إلى 2.6 تريليون دولار أمريكي لقطاع التسويق والمبيعات، بمعدل يزيد عن المتوقع ضمن أية مجالات أخرى، ما يزيد من احتمالية أن تكون أدوات ذات قيمة هائلة ومجدية لخبراء ومحترفي الاتصال التسويقي والمؤسسي ممن يدركون المنهجية الصحيحة والفعالة للاستفادة منها.
وفي مجال الاتصال المؤسسي، فيمكن للذكاء الاصطناعي تبسيط الجهود والسماح بالتكيف مع أحدث الاتجاهات. وفي هذا السياق، يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي أن تغني عن الاعتماد على جداول البيانات المعقدة والعمل اليدوي لتطوير العروض التي تستهدف قنوات إعلامية أو صحافيين أو مؤثرين محددين، كما يمكن لها أن تسهم في تطوير محتوى أكثر تخصيصاً وملاءمة لكل الوسائط الإعلامية التي يزخر بها المشهد، وإقصاء الآليات التقليدية المنتهجة في تنفيذ هذه العملية وغيرها من العمليات، والتي عادة ما تستنفد الوقت والجهد، إلى جانب دورها في تكييف موضوع ومحور رئيس واحد وفكرة واحدة بسلاسة، وتضمينها في عدة أنواع من المحتوى المخصص، ما يزيد من جاذبية المحتوى وفرص تحفيز وسائل الإعلام لنشره.
ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد خبراء ومحترفي الاتصال المؤسسي في اكتساب رؤية تسهل إدارة علاقاتهم مع الصحافيين والمؤثرين بفاعلية أكبر؛ حيث أنها تسرع عملية البحث عن المستهدفين منهم وفقاً للطلب، وتقدم المعلومة الوافية حولهم، فتعزز المعرفة بكل ما يتعلق بهم، ابتداءً من نوع القصص التي يميلون لنشرها، مروراً بمواقفهم تجاه قضايا معينة، ووصولاً لأفضل الأوقات باليوم والساعة للتواصل معهم والتمكن من إقناعهم بعرض معين ضماناً لنتيجية إيجابية منهم.
وفي الوقت الذي يتم الحديث فيه عن إيجابيات أدوات الذكاء الاصطناعي، إلا أنه ومن منطلق النطق بالحقيقة، لا بد من الحديث حول قدرتها المتواضعة حتى الآن على إنتاج محتوى بمستوى عالمي أو بناء سرد غاية في الإقناع أو التفرد، إلا أن ذلك لا ينفي بتاتاً أهمية تبنيها واستخدامها كخطوة مبدئية لبدء أعمال إبداعية أولية وتبسيطها. إن أدوات مثل ChatGPT وChatSonic، يمكنها بكل تأكيد المساعدة في إلهام وابتكار محاور رئيسة لموضوعات المقالات والمدونات، كما يمكنها أيضاً تطوير مقترحات لمحتوى خاص بوسائل التواصل الاجتماعي، وتطوير موجز لمقترح تنظيم وإدارة فعالية إبداعية مميزة، وغيرها الكثير.
وإضافة إلى ذلك، فإن أدوات الذكاء الاصطناعي لا تقتصر في فوائدها على الجانب العملياتي، إنما تشمل الفوائد التي تتعلق بالناحية المالية؛ حيث يمكنها مع ما تقدمه من رؤية قائمة على البيانات بشكل لم يسبق له مثيل، إتاحة الفرصة لقياس عائد الاستثمار على حملات الاتصال المؤسسي، الأمر الذي أصبح أكثر سهولة من ذي قبل، في ظل القدرة على إجراء التحليلات الإحصائية المعقدة بما يشمل تحليلات الانحدار والتراجع، والوصول إلى مصادر البيانات على الفور، والأهم من هذا وذاك، الحصول على التحليلات التنبؤية التي تقدمها هذه الأدوات، والتي تزيد من قدرة فرق الاتصال المؤسسي على تحديد مدى النجاح المحتمل لاستراتيجية أو حملة ما حتى قبل تنفيذها واستثمار الوقت والطاقة والتكلفة المادية.
ونظيراً لهذه الأدوات التي من الممكن الاستفادة منها في كل المجالات، هناك أدوات مبنية على الذكاء الاصطناعي ومصممة خصيصاً لمجال الاتصال المؤسسي، ويتم تطويرها يوماً بعد يوم، مثل أداة Propel PRM التي تُعنى بإدارة العلاقات مع العملاء والزبائن، وغيرها من الأدوات التي تمكن فرق العمل من دمج خدماتهم بشكل أفضل مع مختلف ممارسات فروع الاتصال التسويقي الأخرى كالحملات التسويقية والإعلانية وحملات التواصل الاجتماعي والتخطيط الإعلامي، والتي باتت تنطوي على قدر من الأهمية المتزايدة، لا سيما مع استمرار تشعب وتداخل الخطوط الفاصلة بين ممارسات هذه الفروع التي لا يزال يشوبها عدم الوضوح.
مجموعة ميناكوم للاتصال التسويقي-الأردن، والتي تتميز بتكامل فروع الاتصال لديها وممارساتها التي تعتبر أبرز نقاط قوتها التي تتفرد بها منذ وقت طويل، إلى جانب حلولها وخدماتها الإبداعية، وخلاصة خبراتها المتنوعة المقدمة من خلال ست شركات، استطاعت التغلب على معضلة تداخل الحدود الفاصلة بين هذه الفروع والممارسات منذ ما قبل الذكاء الاصطناعي، والذي تعمل في عصره الحالي على الارتقاء بهذا التكامل والانتقال به إلى آفاق جديدة من الناحية التكنولوجية.
ولأن ميناكوم الأردن تدرك بأن الابتكار التكنولوجي يبقى مجرد تعبير رنان دون توظيفه بشكل مثالي لإضفاء القيمة النوعية الحقيقية، فقد بادرت لإنشاء قسم للابتكار التكنولوجي يُعنى بتحقيق الدمج السلس بين جانب التخطيط الاستراتيجي للأعمال والجانب الرقمي لها، والبحث عن طرق جديدة يمكن عبرها الاستفادة من التكنولوجيا بما ينعكس بالإيجاب على العملاء.
وهنا، لا يزال نفس التساؤل يطرح نفسه عند الحديث عن الذكاء الاصطناعي، هل سيحل هذا الذكاء محل الموظفين؟ وهل سيجد خبراء وموظفو التسويق والاتصال المؤسسي أنفسهم خارج إطار المعادلة مع العدد المتزايد من أدوات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تشهد تحسينات كبيرة ومتواصلة في جودتها؟
الإجابة الثابتة التي لن تتغير، تنفي استبدال العنصر البشري بالذكاء الاصطناعي؛ إذ أن الاتصال المؤسسي يعتمد بشكل كبير على بناء العلاقات الإنسانية الحقيقية، وهو ما لا يتيح أي مجال للذكاء الاصطناعي ليكون بديلاً عن الاتصال البشري، ولا يجعله قادراً على دخول مضمار المنافسة في القدرة اللامتناهية للإبداع البشري، لتبقى قدرته تدور في إطار جودة المعلومات المتاحة أمامه. وكمثال توضيحي، فإن صياغة قصة مقنعة أو الخروج بفكرة حملة مبتكرة لن يكون بالأمر السهل سوى لعقل وفكر بشري مع لمسته الإبداعية.
إن ما يمكن للذكاء الاصطناعي تنفيذه يتمثل في المساعدة على تسهيل تفاصيل العمل اليومي، وجعل عملية البحث والتحليل والأعمال التي تستغرق وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً أمراً من الماضي، ما يتيح المساحة الأكبر للعمل بإبداع على الجوانب الأكثر أهمية والخروج بأفكار تسوّق نفسها وتنال الاستحسان وتحقق النتائج التي تتفوق على التوقعات.