جهود الحكومة في تحرير الأسرى
ممدوح ابودلهوم
20-07-2007 03:00 AM
لم يعد وحتى منذ زمن أمر هؤلاء الصوتيين الذين لم يملوا حتى اللحظة ، في خلق نماذج من الفوضى السياسية و الانفلات المجتمعي تصلح لقياس المسافة العصية بين العجب والصيام في رجب ، لا بل وحين جاء أحدهم على ذكر حالة الفراغ السياسي وصفاً لراهن ما يجري ، علّق صحفي بارز بأن هؤلاء راحوا يصدقون كذبة هم أصلاً مروجوها من قبل ، مفادها أنه رغم كل هذا الضجيج الذي يشغل الدنيا ويملأ الناس ، فإن الفراغ السياسي قد بات يحسب في علم الهندسة الفراغية (!) على أساس فهمهم أن مصطلح الفراغ هو الأنسب في مواجهة مصطلح الضجيج (!) وإلا ما هي علاقة هندسة الفراغ وعلم الطاقة وغيره بهذا الذي ينعقون به بنهار وينعبون به بليل ، إلا إذا كان مقصودهم – إحالويّاً – هنا هو حالة الانغلاق في طاقات أدمغتهم بحسب وصفنا الشعبيّ !، وإن كنت هنا لم أستطع هضم هذا الهراء وبالتالي أسأت نقله أو طرحه آنفاً ، فإني مع العامة من غلابى الناس نصارح هؤلاء بأن خطابهم الفراغيّ – بلسانهم ! – لم يعد ينطلي علينا بعد اليوم !
آخر ما حُرّرَ في هذا المقام العجب العجاب ، والذي رصدته وسائط الميديا وهذه المرة على طريقة (وعلى عينك يا تاجر) !، بمعنى رؤية ساحرهم العام (الأمين العام) يخرج من جرابه رسالة (خطيرة !) ، موجهة إلى وزير الداخلية عيد الفايز يطالبه فيها بزيارة الأسرى المحررين الأربعة في سجن قفقفا بمحافظة جرش ، ولسنا نعلم على وجه الدقة ما هي الدوافع الكامنة وراء هذا المطلب الجبهوي ، و ما هي إلى ذلك أيضاً الأسباب الحقيقية و المبررات المقنعة لهذه الزيارة ، إذ أن المتداول المعلن خلف الكواليس – لا أمام الكاميرات هذه المرة !، يصلح إعلاناً متلفزاً لتسويق الجبنة على طريقة (الأولاد يلعبون !) ، وبالمحصلة فإنه لا يقدم مسوغات رصينة مشروعة أو موضوعية لهذه الزيارة – على الأقل .. في هذا الوقت بالذات .
أمين عام حزب الجبهة وبعض فعاليات الحزب ، كرئيس لجنة الحريات وبعض الناشطين في النقابات المهنية من التابعين للحزب / الجبهة ، يغردون فيما يخص موضوعة الأسرى المحررين خارج سرب الأحزاب الأردنية ، وتحديداً لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة الأردنية ، ومثل هذا المطلب يأتي ، إجرائياً أو قانونياً ، في العادة وكما يفترض في هكذا قضايا ، من مجلس النواب أو من لجنة الحريات وحقوق المواطنين فيه ، وربما من المركز الوطني لحقوق الإنسان في الأردن ، لا بل فلا من تثريب لو جاء هذا المطلب من تنسيقية المعارضة وحتى من حزب الجبهة نفسه لولا ما حدث ويعرفه الجميع (؟!) ولسنا هنا نعني بذلك التغريد الأحادي آنفاً أي العزف المنفرد لبعض قيادات الجبهة وحسب ، بل وأيضاً فشل محاولة القيام بشرخ في تنسيقية المعارضة ، بدءا ًبشجب مفاوضات الحكومتين الأردنية والإسرائيلية بشأن إعادة الأسرى إلى وطنهم الأم ، وليس انتهاءاً بفصول العجيج الصوتي الذي لا يأتِ بطحن لأي طرف من الأطراف والأهم الأسرى أنفسهم .
وجه العجب في مطلب حزب جبهة العمل الإسلامي لزيارة الأسرى المحررين ، والذي يقود تظاهرته العجيجيّة خلف الأمين العام رئيس لجنة الحريات في حزب الجبهة ، وهو بالمناسبة مطلب نتوقع أن يكون مقدمة لسلسلة مطالب قادمة !، هو أنه يأتي من جهة لا تعترف بأن الحكومة قد أعادت هؤلاء الأسرى المحررين إلى بلدهم الأم ، إذ ما زال جبهويوّ النقابات المهنية يعلقون صور الأسرى الأربعة على مدخل المجمع ، مع ذات اليافطة التي تطالب الحكومة بالعمل على تحريرهم من المعتقلات الإسرائيلية ، ما يعني عدم الاعتراف بجهود الحكومة الجبارة في تحرير الأسرى الأربعة ، وهي خطوة وطنية فريدة متفردة في ميدانها تحسب لحكومة الدكتور البخيت ، فالانطباع الأول الذي قرأناه على وجوه أهالي وذوي الأسرى المحررين ، فضلاً عن مشهدية اللقاءات الحميمية التي اختلطت فيها حشرجات الفرح بدموع اللقاء بعد طول فراق ، كلُّ أولئك يؤكد على العرفان بالفضل وبأن الأردنيين سيذكرون طويلاً هذا العمل الإنتمائي الخارق للحكومة الرشيدة .
إن نكران حزب الجبهة بتلاوينه وأقانيمه السياسية والنقابية لهذا العمل الحكومي المتميز ، ليس إلا مجرد غيضٍ صاعق من غيضٍ صادمٍ ومقطع عرضي يشكل نمذجة ، على عدم الاعتراف بأي نقشٍ زاهٍ وخلاقٍ على سجادة الوطن الأنقى والأعرق ، أو بكلمة هو حلقة أخرى صوتية في ذات السلسلة العجيجية الصاخبة ، وهكذا فجميع فصول عجيجهم الصوتي عصيٌّ على الفهم وينزل في باب ما بعد الصيام في رجب !، لكنه لا ينطلي إلا عليهم وعلى قلة جاءوا بهم ، فقط كي يصدقوا ذات الكذبة المذكورة هنا في تقاطعات هذه السطور .
هجمة حزب جبهة العمل الإسلامي الشرسة هي ضد الجميع – حتى جماعة الأخوان المسلمين والعقلاء في الحزب ، بمعنى أنها تضرب في كل اتجاه وليس فقط ضد الحكومة البخيتية ، لكنها الأشرس على الحكومة وبذات السيناريوهات التي كنا وما زلنا نبلو ونعرف منذ زمن ، وبخاصة حين يكون المايسترو صاحب السماحة الأمين العام أو صاحب السعادة رئيس لجنة الحريات في الحزب / الجبهة ، والذي لم أستطع أن أفصل بين تعليقاته ومطالباته و إجاباته وبين أسئلة الصحفي ومداخلاته بل والأدق بياناته (؟!) وذلك في التحقيق الذي نشرته الثلاثاء الماضي إحدى الصحف اليومية حول مطالبة الحزب بزيارة الأسرى المحررين ، وزبدة ذلك تقول صراحةً وبالفم الملآن بمعارضة الحكومة في تحريرها الأسرى وإعادتهم إلى وطنهم الحبيب (؟!) وبنفس الوقت وكما أنفنا هنا غير مرة تقوم بحركات أكروباتية تتقاطع مع خطابهم السابق !، أما عن المعلومات والتي يعتقدون أنها اكتشاف أتلانتس جديدة !، فتعرفها الحكومة قبلهم لا بل وتعرف الكثير مما لا يعرف ولو قليله هؤلاء ، فشتان بين معلومات دولة ومعلومات أشخاص مغامرين ومتطاولين على هذه الدولة (!) ومهما يكن من أمر هذه المقارنة العدمية فإنه لا قياس بين المعرفتين : كماً كيفاً ووقتاً .
ما أود الخلوص إليه .. خروجاً – إذ هو الحديث ذاته الذي كم اجتررنا ومللنا !، هو أولاً أنهم ليسوا أكثر حرصاً من الحكومة على مواطنيها العائدين ، وثانياً ما هو المبرر المصيري أو الدراماتيكي الخطير الملح ، الذي لا يحتمل التأجيل بل القيام بالزيارة وتحديداً الآن بالذات ؟، إلا إذا كان الصوتيون هؤلاء ثالثاً يريدون حبةً ليجعلوا منها قبة ، وبالتالي مواصلة العودة واستمراء ممارسة طقسهم العجيجيّ إياه في أن (يقعدوا عل الحيطة ويسمعونا الزيطة) !
إذ من الطبيعي رابعاً أن الأبناء العائدين إلى الأهل والوطن ، سيكونون وبعد قرابة عقدين من زمن الأ سر في المعتقلات الإسرائيلية ، بحاجة ماسة وقد عانوا ما عانوا إلى إعادة تأهيل حتى لا نقول إعادة تطبيع ، بمعنى أنهم في أيامهم القليلة الأولى يقومون بتدريبات نفسية وصحية وبيولوجية ، أي أن شريط التغيير تحت فروات رؤوسهم يعرض على شاشات حافظاتهم ، روْياً نوستالجياً غاية في الإنسانية له لونه ومذاقه الخاصين ، بين استشراف القادم بأمله ومجهوله واسترجاع القديم ببأسه ويأسه ، ما لن يستطيع الحكم فيه والوقوف على تضاديّاته والفصل في أمره الدراماتيكي برمته ، إلا العلماء والأطباء في أقانيم التحليل النفسي السيكولوجي والعصبي ، بعد السريري العضوي و الإكلينيكي مع العلاج الطبيعي الفيزيائي وباقي ما على قائمة المعنيين في الحكومة الموقرة !!! ]
Abudalhoum_m@yahoo.com