عندما أتأمل في حياة والدي، طارق عيسى الور، لا أجد كلمات تعبر بدقة عن الرجل العظيم الذي كان، إنه رجل لم يعش ليكون عابراً في حياته، بل كان روحًا ملهمة للآخرين تحرك الجبال، مهما قيل عنه فلن يكون كافيًا لوصف القوة والعزيمة التي كانت تنبض في قلبه رغم قصر الفترة التي امضاها بيننا.
كان والدي رائدًا في مجال الزراعة وكان يعمل بلا كلل لتطوير القطاع في المملكة لم يكن يروج ويبحث فقط لمشاريعه الخاصة، بل كان متفانيًا في تقديم النصح والمشورة للمزارعين الآخرين، حتى انه يفتح أبواب مزرعته في المفرق لاستقبال طلاب الزراعة لمشاركتهم معرفته وخبرته، فهو يؤمن بأن المعرفة يجب أن تُعمم وتُشارك، وان لا احد يملك الحق باحتكار العلم.
عاش والدي حياة مليئة بالتحديات والصعاب لكنه لم يستسلم أبدًا، قدر الله له أن يواجه مرض السرطان الخبيث وحاربه لمدة تجاوزت العقد، وكان يقاتله بكل قوته وشجاعته، لم يتراجع أمام صعوبات العلاج والآلام الجسدية، بل استمر في محاربته بكل إصرار وتصميم دون ان يشعرنا نحن او مع من يعمل بالمرض او التعب ابدا!..
والدي ليس بطلًا فقط في الحرب ضد المرض، بل كان بطلاً في حياته اليومية كان رجلاً يعمل بجد وتفانٍ في كل ما يقوم به، كان يُحب ويُحترم من قبل الناس وبالأخص اهله وجيارنه وشركاؤه اللذين كان يعتبرهم بمثابة العائلة، لأنه كان إنسانًا موثوقًا به وسخيًا وعادلاً، قدم يد المساعدة للآخرين بدون أي مقابل، وكان دائمًا مستعدًا للاستماع وتقديم الدعم.
حبه العميق لوطنه، المملكة الأردنية الهاشمية، غُرِس في داخلنا منذ الصغر الانتماء وحب العطاء لهذه الأرض، كان يعمل بجهد لتطوير القطاع الزراعي في الأردن ولتعزيز الانتاجية للبلاد، كان يؤمن بأهمية الاستدامة الزراعية وحماية الموارد الطبيعية ورفع اسم المنتج الأردني في الأسواق الدولية.
ولكن عندما توفي والدي ليلاً، ترك وراءه آثارًا لا تُنسى، ترك إرثًا من المعرفة والتجارب والقيم، ترك وراءه مجتمعًا ملهمًا وأفرادًا يحملون روحه وأخلاقه النبيلة، تركنا بتحدٍ جديد لاستكمال رحلته وتحقيق رؤيته.
أبي ليس عابرًا، بل كان شخصية استثنائية أثرت في حياة العديد من الناس، تعلمت منه الشجاعة والتفاني والتعلم المستمر، سأواصل رحلتي في الحياة بنفس الروح والعزيمة، مستمدًا القوة من تربيتي.
رحمك الله يا والدي، سنبقى نذكرك ونحمل معنا..
ذكراك في قلوبنا ابداً ما حيينا..
* المقال في ذكرى مرور ستة أشهر عن غياب ابي، الراقد في قلب عمان، هو يغفو تحت ثراها وما زالت روحه و ستبقى تحلق في سماءها..