الخروج إلى عملية عسكرية واسعة بالضفة بين الواقع السياسي والخيال اليميني المتطرف
معتز خليل
21-06-2023 11:45 AM
كشفت عدد من الصحف والمنصات الرقمية الإسرائيلية خلال الساعات الماضية عن سعي تل أبيب الحثيث إلى الرد على عمليات المقاومة الفلسطينية التي وقعت خلال الساعات الماضية ، بداية من التصدي لجنود الاحتلال في مخيم جنين وإصابة ٧ من العسكريين الإسرائيليين ، فضلا عن وقوع عملية بالأمس في الضفة الغربية أسفرت عن مقتل أربعة إسرائيليين واستشهاد مقاتلين فلسطينيين .
وبات واضحا إن المقاومة الفلسطينية كبدت إسرائيل الكثير ، سواء من الخسائر البشرية أو العسكرية التي تنوعت في خسائر استخباراتية رافقت عملية جنين والتي نجح عناصر المقاومة في تلقين إسرائيل بها درسا دقيقا اعترفت به قياداتها.
ما الذي يجري؟
بات واضحا إن إسرائيل تسعى للرد عسكريا على المقاومة الفلسطينية ، وهو السعي الذي بات واضحا مع تأكد دوائر إسرائيلية بأن التصعيد الحاصل حاليا في الضفة الغربية تقف وراءه بعض من الجهات الإقليمية الفاعلة في المنطقة ، مثل إيران.
وقد أتهم باروخ يديد الكاتب والمحلل السياسي في القناة ال ١٤ الإسرائيلية إيران صراحة بالوقوف وراء التصعيد الحاصل في الضفة الغربية ، ونقل يديد في تقرير له تصريحات أحد المسؤولين في جهاز الأمن الإسرائيلي ، والذي قال نصا إن الأحداث في جنين تدل عليها التغيرات في الساحة بشكل عام ونوعية التهم بشكل خاص".
وبحسب هذا المسؤول فإن هذا التصعيد الحاصل الآن يعود إلى تنامي النفوذ الإيراني في السلطة الفلسطينية ، بما في ذلك من خلال تحويل الأموال وشراء الأسلحة وتبادل المعلومات ، وكذلك تهريب الذخائر من الحدود الأردنية إلى قلب الضفة الغربية.
وفي هذه النقطة بالتحديد سبق لجهاز أمني إسرائيلي أن حذر من تسلل كميات من الأسلحة الإيرانية إلى الضفة الغربية عبر الأردن ، وهو ما وعدت الأردن للتصدي له في ظل التصعيد الحاصل بالمنطقة حاليا والكشف عن قيام أحد النواب البرلمانيين بتهريب الأسلحة من أجل انتاج متفجرات ذاتية التفجير .
وتوضح بعض من تقديرات الموقف الإسرائيلية إلى سهولة الكشف عن وجود بصمة إيرانية عسكرية في مناطق السلطة الفلسطينية ، وكان قائد الحرس الثوري قد قال في وقت سابق إن "إيران تسلح الضفة الغربية كما تسلح قطاع غزة" .
وبالطبع فإن هذه الكلمات تعزز التقدير الذي سمع في إسرائيل بأن التنظيمات الفلسطينية في الضفة الغربية تتعاون استراتيجيا وعسكريا مع غزة ، وهو ما ينعكس بصورة إيجابيه عليها بالنهاية.
العاروري
غير أن التقديرات الأمنية الحاصلة خلال الساعات الماضية يمكن تلخيصها في بعض من الإشارات التي تعكس دقة الوضع والموقف سياسيا على الساحة الفلسطينية ، ومن هذه التقديرات والإشارات التي يمكن استخلاصها الكشف عن:
1- متابعة إسرائيلية حثيثة لتصريحات صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الذي يبارك التصعيد
2- تأكيد بعض من تقديرات الموقف الأمنية في إسرائيل إلى أن ما يتم حاليا من تصعيد عسكري وأمني يقف وراءه صالح العاروري ومخططاته
3- تزيد هذه التقديرات من الحديث عن دور العاروري لتطالب بعضها علانية بالتصدي لها بكل قوة مهما كان حجم التحدي الناجم عن ذلك
4- تزداد هذه النقطة تعقيدا في إسرائيل مع النجاحات التي يقوم بها العاروري او ما يمكن وصفه بنجاح تهديداته في إصابة الهدف في قلب العمق الإسرائيلي وبأقل الإمكانات والرهان على بعض من شباب المقاومة.
5- تزايد أيضا وخلال الفترة الماضية حجم المطالبة بتوسيع حجم الضربات العسكرية للضفة الغربية ، لتشمل الخروج بعملية واسعة ، وهو ما يطالب به بعض من الوزراء في الحكومة الإسرائيلية وتعترض عليه بعض من القيادات المسؤولة بالحكومة، ومنها مثلا نتنياهو الذي يتوجس بالفعل من القيام بهذه العملية الآن.
6- يشارك الأطراف السياسية الرافضة لتوسيع رقعة العمليات رأي أمني من جهاز شاباك ، والذي يرى أن حجم توسيع العمليات سيجلب الكثير من التحديات الأمنية لإسرائيل ، وهو أمر في منتهى الدقة سواء الآن أو بالمستقبل.
تقدير استراتيجي
من الواضح إن الخروج بعملية عسكرية واسعة هو مطلب لبعض القيادات السياسية في الحكومة الإسرائيلية ، غير أن الخروج بهذه العملية يتطلب ثمنا باهظا يتمثل في :
1- احتواء غضب عدد من الدول العربية التي سترفض هذه العملية
2- تعطيل هذه العملية لأي مساعي اسرائيلية لتوسيع منظومة ما يسمى باتفاقيات إبراهيم للسلام ، خاصة وأن إسرائيل تعلم تماما حجم وثمن الخروج بهذه العملية.
3- لا تزال بعض من القوى الأمنية الحساسة في إسرائيل تعترض على القيام بهذه العملية الواسعة ، وتعتبرها بعض القيادات في الشاباك تحديدا بمثابة مغامرة لا حاجه إليها الآن ، الأمر الذي يزيد من تعقد الموقف برمته الآن على كافة الأصعدة في إسرائيل.