السيد دولار .. نقطة ضعف الولايات المتحدة
معتز الهندي
21-06-2023 12:39 AM
حين فكرت امريكا بالتلويح بقانون لمعاقبة السعودية واوبيك فيما عرف بقانون نوبيك كان من بعض الرد السعودي التلويح باعتماد عملات اخرى لبيع نفطها.
والمقصود بعملات اخرى اي غير الدولار المتربع على قمة التعاملات الاقتصادية في العالم ورمز الهيمنة الامريكية على كل العالم لاحقا لم تطبق واشنطن قانونها نوبيك هذا ولم تنفذ السعودية تهديداتها وظل الدولار على القمة ولكن لم يكن هذا التهديد الوحيد لسيد العملات في العالم فالتهديدات اكثر واكبر من ذلك بكثير .
بداية كيف اعتلى الدولار لهرم السلطة المالية في الكوكب ؟
البداية من الف وتسعمائة واربع واربعين في ذلك الوقت كانت قد ظهرت الولايات المتحدة كقوة عالمية قبل انتهاء الحرب الكونية الثانية فاجتمعت قرابة اربع واربعين دولة في امريكا لكي تطلق نظاما دوليا جديدا ليحل مكان النظام القديم قبل الحرب فالنظام القديم لم يكن نظاما فقد كانت العشوائية هي ما تحكم التعاملات التجارية بالاضافة للذهب حتى جرت تلك الاتفاقية التي جمعت أربعة وأربعين بلدا والتي سميت باتفاقية بريتون وودز فيها جرى ربط الدول المجتمعين لعملاتهم وتعاملاتهم بالدولار واستبدال معيار الذهب بالعملة الامريكية فكان هذا الاعلان الاول لصعود الدولار الى القمة ولتحصين هذا الصعود خلقت الولايات المتحدة بذات الاجتماع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وربطتهما بعملتها لتضمن السيادة المالية والرقابة على النظام المالي الجديد
لاحقا حتى هذا الاتفاق الذي اعطى الدولار تصريحا للعبور نحو راس الهرم لم يعد كافيا للولايات المتحدة التي تورطت منذ منتصف الخمسينات وحتى منتصف السبعينيات في حرب فيتنام وذلك استهلك كثيرا من خزينتها ومع انها في ذلك الوقت كانت تمتلك ٧٥٪ من الذهب في العالم الا ان خزينتها ارهقت ولم تعد قادرة على طبع مزيد من الدولارات آنذاك كان الدولار ما زال يعتمد على الذهب ..في حين ان كثيرا من العملات الاخرى كانت تعتمد على الدولار ..
وكحل لهذه المعضلة جرى في عام الف وتسعمائة وواحد وسبعين ما عرف تاريخيا بصدمة نيكسون حيث تجرأ الرئيس الأمريكي على اعلان فك ارتباط عملة بلاده بالذهب وطباعة ما تشاء امريكا من الدولارات دون حسيب او رقيب حينها ظن كثيرون ان بذلك سيقع الدولار …
لكن ما جرى كان العكس فقد تربع الدولار منفردا على القمة معززا بثقل امريكا السياسي والعسكري وبات الدولار السيد بلا منازع .. وظل على هذا الحال طويلا سيدا معززا مكرما لا يجرؤ احد على التجارة بدونه ..وخاصة بالتعاملات او التجارات الكبرى كالاسلحة والنفط وغيرها …..حتى بدات امريكا بعد انقضاء الحرب الباردة باعلان نظام عالمي جديد … هي المتربعة على قمته كما هو دولارها بين بقية العملات ….في تلك الفترة خرج الجيش الامريكي من ثكناته باتجاه الخليج … حيث موطن الصناعة النفطية كي يبقى قريبا من السلعة التي يتعطش لها العالم ….
لكن …. بلدا بعينه كان يرفض اعين الامريكيين على سلعته هذه انه العراق الذي كان قد اعطى ذريعة للاميركيين للاقتراب منه والقدوم لحدوده عقب غزوه لجارته الكويت.. فاطبق الامريكيون عليه حصارا قطع اوصال اقتصاده ثم قالوا له سنسمح لك ببيع نفطك مقابل حصولك على الغذاء فاراد العراق انذاك الانتقام ولو رمزيا ففكر نظامه حتى وصل العام الفين الى فكرة مفادها بيع نفطه بعملة الاوروبيين التي كانت صاعدة انذاك والتوقف عن استخدام الدولار ….
فكانت الضربة موجعة للاميركيين واعتقد انها تسببت بتسريع عملية الغزو ومنذ ذلك التاريخ عرف العالم نقطة ضعف الامريكين وبات اي بلد يتعرض لعقوبات امريكية يسعى لايجاد بديل عنه … كما جرى مع ايران التي اختارت عملات الروس والصينيين على الدولار خاصة بعد اقصائه من نظام سويفت العالمي في عام الفين واثني عشر وهو ما يعتبر وريد العالم الذي يسمح بانتقال سريع وسلس للمال عبر الحدود …. وفي ذلك الوقت سعت دول اخرى لايجاد بديل لسيف امريكا هذا اي نظام سويفت المعتمد كليا على الدولار فابتكرت الصين نظام سايبس الذي يتعامل بعملتها اليوان كما قامت روسيا بايجاد نظام بديل عقب فرض العقوبات عليها الذي يعتمد على عملتها الروبل وهو نظام اس بي اف اس ….
وهذه انظمة تهدد النظام الدولاري سويفت بقوة …لكنها ليست الخطر الوحيد على السيد دولار …حيث قررت الصين ايضا ايجاد بدائل اخرى تدعم عملتها كبديل … على غرار ما فعله الامريكي..فقد اسسوا صندوق النقد الصيني الذي يحتوي عددا من دول اسيا المهمة ..وهذا الصندوق اعتقد بانه سيكون بديلا لصندوق النقد الدولي الخاصع لامريكا.. وعن مخاطر اخرى خلقتها الصين للتربص بالسيد دولار ……منظمات شانغهاي وبريكس وهي تكتلات اقتصادية عملاقة… تسعى لخلق اقتصاد بعيد عن سيطرة الامريكيين وللحديث عن التهديدات
اولا : وهو اليوان الصيني المدعوم بعظمة الاقتصاد الصيني واحلام بكين في تسيد العالم …
اما التهديد الثاني : فهو روسيا..التي سعت مع حليفتها ايران لاصدار عملة جديدة بديلة للدولار وتحل مكانها في التبادلات التجارية بينهما …
وهو امر قد يدفع اخرين للانضمام.. وبالتالي يتم تشكيل تهديد لسيادة الدولار ….
اما عن التهديد الثالث : فهو عربي الطابع ….حيث طرحت كل من الامارات و السعودية افكارا بعيدة عن العملة الامريكية..
كفكرة احلال الروبية والدرهم في التعاملات التجارية بين الهند و الامارات …وكذلك تفكير السعودية بقبول اليوان الصيني كبديل عن الدولار .
اما التهديد الرابع : فهو من حديقة امريكا الخلفية حيث اتفقت كل من البرازيل و الارجنتين وهما اكبر بلدين في تلك الحديقة على اصدار عملة لتكون بديلا للسيد دولار ….وليس هنا فقط
فالتهديد الخامس : من الروس ايضا وذلك بطرح فكرة على مجموعة بريكس تتلخص حول استحداث عملة جديدة تكون البديل عن السيد دولار .
وهذه كلها تهديدات ليس من السهولة بما كان على امريكا ان تتجاوزها وان خرجت وزيرة الخزانة الامريكية جاني تيلين مؤخرا للقول ان من الصعب على الدول ايجاد بديل عن الدولار كعملة عالمية نرد بلسان عربي الصعوبة لا تعني الاستحالة وعالم الاقتصاد كعالم السياسة يقوم على فن الممكن .