مقاربة مهمة مهنيا قام بها زملائي في إعداد دراسة موسّعة حول أثر التهريب على الاقتصاد المحلي، وكلفته، لنقرأ تفاصيل ربما لم نلاحظها في وقت سابق تحديدا من غير المهتمين والمتابعين للشأن الاقتصادي، لنرى بُعدا خطيرا للتهريب يتمثل في الجانب الاقتصادي وما له من تبعات تلقي بخسائر مالية على الاقتصاد الوطني تقدّر بمليارات الدنانير.

الدراسة التي أعدّها «مركز الدستور للدراسات الاقتصادية» أجابت عن سؤال كبير حول كلفة التهريب على الاقتصاد المحلي، وهي من المرات القليلة التي يؤخذ بها الحديث والمتابعة عن التهريب للجانب الاقتصادي، لتقدّم الدراسة أرقاما لكلف واضحة ومباشرة، وأرقاما وتقديرات لكلف غير مباشرة قد تفوق كثيرا الكلف المباشرة، فيما لم يقتصر البحث والمتابعة في الدراسة في المقام الأول على تهريب المخدرات، الذي يعدّ الجانب الأعلى خطورة في التهريب، وتم التطرق الى تهريب السجائر، والتهريب الجمركي.

الدراسة التي خرج بها زملائي في «الدستور» بتفاصيل تضع التهريب على طاولة بحث جديدة، تأخذ البُعد الاقتصادي له، ليضاف إلى أشكال خطورته الأخرى والتي تجعل منه هدفا أساسيا لمحاربته والقضاء عليه، ووضع حدّ لكل أشكاله ووسائله، والتي في مجملها تعدّ أداة خطيرة تهدد الوطن، وتهدد اقتصاده، ولا نجافي الحقيقة أن الأردن يقود معركة ضد التهريب، تحديدا على حدوده، ويقدّم نشامى الجيش العربي ومكافحة المخدرات جهودا خارقة لمواجهة هذه المعركة التي تستنزف الإنسان والاقتصاد وقطاعات متعددة.

فتحت الدراسة التي أعدتها جريدة «الدستور» حول التهريب والتي حملت عنوان بالمليارات آثار مباشرة وغير مباشرة للتهريب على الاقتصاد الأردني، آفاقا واسعة للنقاش الاقتصادي، الذي ركّزت عليه الدراسة، لتزداد دائرة خطورته عمقا واتساعا، وتضع أمام أعيننا الكثير من الجهود الاستثنائية التي تُبذل لمنع هذه الجرائم ووقف امتداد هذه الحرب، ففي خطورتها نتائج على القوى البشرية وتهديد مباشر للأمن الوطني، يضاف لها الخسائر التي تلحق بالاقتصاد الوطني، كما فتحت أفقا لوضع الجهود الجبّارة التي تبذلها الأجهزة الأمنية لمواجهة التهريب تحديدا المخدرات والتي تؤكد إدارة مكافحة المخدرات أنها مستمرة وبقوة في عملياتها النوعية لملاحقة كافة أشكال التعامل بالمواد المخدرة وبتوجيهات من القيادات الأمنية ولا تهاون في ذلك، في جهود تتكامل لوقف خطر التهريب وتبعاته.

في قراءة تفاصيل الدراسة نجد تفاصيل مهمة حول التهريب ليس فقط بالأرقام، إنما في أبعاد التهريب وأنواعه، وتبعاته وآثاره، وبطبيعة الحال يضع جهودًا جبّارة تقوم بها القوات المسلحة والأجهزة الأمنية تحت مجهر الاهتمام، وضمن عبارات التقدير والامتنان لمن يسهرون ويقدّمون أرواحهم لحماية الوطن والمواطن من هذه الأخطار، ويُبقون الأردن واحة أمن واستقرار، وسلاما صحيا واقتصاديا وأمنيا.

(الدستور)