في إحدى المقابلات اقترح رئيس الوزراء الأسبق نائب رئيس مجلس الأعيان دولة سمير الرفاعي استحداث وزارة جديدة "وزارة الموارد البشرية" تعنى بالموارد البشرية في الحكومة للقيام بالبحث عن أفضل الكوادر لوظائف القطاع العام.
أرى أن هذا المقترح لن يغير في واقع الإدارة الحكومية شيء جوهري لأسباب عديدة أهمها ثقافة المجتمع الأردني الذي تربى على الواسطة والمحسوبية حتى في أبسط إجراء والذي لا يحتاج إلى واسطة. ومع ذلك أتفق مع دولته بأن العنصر البشري محور العملية الإدارية وهو بمثابة رأس مال بشري، فهو المسؤول عن الآداء الجيد وتقديم الخدمات بكفاءة وفعالية.
وأذكر في هذه العجالة بأن جلالة الملك عبد الله الثاني عند تشكيل أي حكومة يركز في كتب التكليف السامي على الإصلاح الإداري الذي يعتبر ركيزة أساسية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
مع ذلك، فإن الوضع الاجتماعي والتعليمي صعب للغاية وهناك تحديات كبيرة أمام أي حكومة، وأقصد هنا الزيادة المرعبة في عدد السكان، حيث بلغ مجموع المواليد لعام 2022 ما يقارب 1,97397، حسب سجلات الأحوال المدنية وبلغ عدد الطلاب والطالبات في المدارس الحكومية 490806 وفي المدارس الخاصة 246720 حسب إحصائيات وزارة التربية والتعليم لعام 2020-2021.
وبذلك أصبحت المدارس مكتظة مما أثر على المستوى التعليمي وانعكس ذلك على الأعداد التي تدخل الجامعات كل سنة حيث بلغ عدد الخريجين من الجامعات ما يقارب 455,000 حسب إحصائيات 2022.
ويجب أن نصارح أنفسنا بأن من يدخل الجامعة سوف يتخرج وبدون أي عوائق سواء كانت تعليمية أو غير ذلك، مما شكل ضغط هائل على المجتمع والحكومة وزاد من مستويات البطالة بين هؤلاء الخريجين ومعظمهم ليسوا من المواهب التي من المفترض أن تبحث عنها الوزارة المقترحة للموارد البشرية.
ويجب أن لا ننسى ما طالب به جلالة الملك من حيث وضع معايير واضحة لتقييم الآداء وتحفيز الإبداع والعمل الجاد وأكد جلالته كذلك على وضع برامج تدريبية لتنمية الكفاءات بحيث تضمن مواكبتها للتطورات المتسارعة في العالم وإعادة الألق إلى الجهاز الإداري.
وأذكر هنا أن التدريب في وضعه الحالي في معهد الإدارة العامة لن يلبي طموحات جلالته، وأعتقد بأن هناك حاجة إلى تطوير معهد الإدارة العامة وتحويله إلى أكاديمية ملكية للإدارة واختيار المواهب وبدون واسطات ومحسوبيات لقيادة هذه الأكاديمية الملكية؛ بحيث تعمل على اختيار الكفاءات وخاصة في الإدارة العليا وإعدادها لقيادة الأجهزة الحكومية لتكون قادرة على وضع استراتيجيات جديدة والتخلص من الطرق القديمة البالية في العمل وتشكيل طرق استقطاب المواهب والاهتمام بها وتطويرها لتحقيق مخرجات حقيقية سواء كانت إنتاجية أو خدماتية على مستويات عالية وعكس ذلك سوف تبقى الإدارة الحكومية في المربع الأول.