مُبادرةُ السلام الافريقية ولدت ميتة
د. عادل يعقوب الشمايله
19-06-2023 09:46 AM
توجهَ عددٌ من رؤساءِ الدول الافريقية وكبارِ المسؤولينَ فيها لمقابلة كُلٍّ من رئيس اوكرانيا والرئيس الروسي في محاولةٍ لإنهاءِ الحربِ العالميةِ في اوكرانيا.
طبقاً لما بثهُ تلفزيون فرانس ٢٤ تضمنتِ المبادرةُ الافريقية التي عُرِضت على الرئيس بوتين المقترحات التالية:
-انسحابُ روسيا من الاراضي الاوكرانية التي تم احتلالها.
-ازالةُ الاسلحةِ النوويةِ الروسيةِ من بلاروسيا.
-ضمانُ استمرارِ تصديرِ القمح والاسمدة.
-توفيرُ المساعدةِ الماليةِ للمتضررين من الحرب.
مُقَابِلَ هذهِ التنازلاتِ الانتحاريةِ المطلوبةِ من روسيا تقترحُ المبادرةُ الافريقيةُ "الجزرةَ الذابلةَ" التاليةَ لروسيا:
-تعليقُ تنفيذِ قرار محكمة الجنايات الدولية ضد بوتين.
-تخفيضُ العقوباتِ الاقتصادية الغربية على روسيا.
في حين رَفَضَ الرئيسُ الاوكراني المبادرةَ الافريقيةَ على الفور، رَحَّبَ الرئيس بوتن بالمبادرة باعتبارها مُجَرَدَ محاولة، ولكنهُ تحفظَ على مضمونها جملةً وتفصيلاً.
الردُّ الروسيُ قُدِّمَ مَقلياً بالسمن البلدي المُعطَّرِ، والى جانبهِ عدةُ كؤوسٍ مملوئةٍ الى نصفها بالفودكا.
فَنَّدَ الردُ الروسيُ زَعمَ المبادرةِ الافريقية أنَّ الحربِ في اوكرانيا تسببت في حدوثِ أزمة الغذاء العالمي، والقى باللومَ على امريكا والدول الغربية لانها استغلت الحرب لرفعِ اسعار المواد الغذائية والاسمدة التي تُصدرها.
ونوّهَ بوتين إلى أنهُ "من أصل 31 مليون طن من الحبوبِ التي سمحَ اتفاقُ إسطنبول بنقلها من الموانئِ الأوكرانيةِ، وصلَ البلدان الأفريقية ٣٪ منها فقط، بينما تلقت الدول الاوربية ٣٨٪.
وأضافَ أنَّ الدول الغربية ضللت ولا زالت تُضللُ المجتمع الدولي والدول الفقيرةَ بهذا الشأن. "إنهُ ذاتُ الفكرِ الاستعماري منذُ مائةِ عام".
المبادرةُ الافريقيةُ كما هو واضحٌ من بنودها هزيلةٌ وهزلية. ويبدو أن الرئيس بوتن استحى أن يقول ذلك صراحةً لاعضاء الوفد الذي نقلها. والسببْ، أنَّ روسيا تُريدُ أن تُبقي على مواطئ اقدامها ثابتةً في القارة الداكنة.
اذْ كيفَ يتصورُ عاقلٌ أن تقبلَ روسيا الانسحابَ من المناطق التي احتلتها بعد الاف الضحايا من جنودها والخسائر الكبيرة في الاسلحة والذخائر والاموال والصادرات.
وكيفَ يُتوقعُ من روسيا أنْ تتنازلَ عن المبررات الاستراتيجيةِ للحرب، والتهديدَ لأمنها الذي يُحدثهُ التقاربُ الاوكراني مع الاتحادِ الاوروبي وانضمامُ اوكرانيا لحلف شمال الاطلسي المُناوئِ لروسيا.
وهلْ يمكنُ أن تتقزمَ مطالبُ روسيا العظمى لتقتصرَ على حماية الرئيس بوتن من الاعتقال تنفيذاً لقرار محكمة الجنايات الدولية التي عجزت عن القاء القبض على المُجَرَّمِ عمر البشير.
وكيفَ يُتَوَقعُ أنْ تكتفي روسيا بتخفيف العقوبات الغربية وليس الغائها كليةً وتعويضِ روسيا عما تسببت بِهِ العقوباتُ من اضرارٍ للاقتصاد الروسي؟
مبادرةُ الرؤساءِ الافارقةِ تؤكدُ حَاجةَ مُعظَمَ رؤساء دولِ العالمِ الى مزيدٍ من فَتِّ الخبزِ، وأَنَّهُ لمْ يَفُتْ الوقتُ عليهم لحُضورِ محاضرات مادة الدبلوماسية والمفاوضات ضمن تخصص العلوم السياسية ولو كان ذلك في جامعةِ هايتي.