المغتربون الأردنيون .. نعمة أم نقمة؟
يزن عيد الحراحشة
18-06-2023 07:47 AM
يطل علينا اليوم رئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير العبيدات بتصريح يقول فيه إن 130 خريج طب من أصل 400 تخرجوا العام الماضي يعملون في أمريكيا الآن، وإنني وإن جهلت هل قالها غبطة أم حسرة؟! إلا أنني أتحسر عند رؤية ثلث الكفاءات الطبية المميزة الخريجة من الجامعة الأردنية الأولى يهاجرون نحو الولايات المتحدة في سنتهم الأولى بعد التخرج، هذا عداك عمن اختاروا بلادا غيرها.
إن المغتربين الأردنيين المليون حول العالم -حسب آخر الإحصائيات- هم خسارة مباشرة للاقتصاد النامي في البلاد حتى وإن قاموا بتحويل 3.4 مليار دينار في 2022؛ فالقيمة المضافة التي يقدمونها هناك أضعف هذا المبلغ، لكن يبدو أن مديري المشهد يجهلون هذه المعطيات مهتمين بالرقم النهائي المحول.
لماذا علينا أن نقلق من هذه المعطيات؟.
للإجابة على هذا السؤال فإن علينا مصارحة أنفسنا بماهية الأردنيين المغتربين في الخارج؛ ولأقطع المسافة لكم سأجيبكم بنفسي: الأردنيون في الخارج يتم إنتقاءهم من الدول المستقبلة بعناية فائقة جدا، وهذا ما يفعله أي بلد يبحث عن وافد حيث تستوفد الاقتصادات من سينهضون بها، فقبل هجرتك إليه بحيث تكون متميزا في مجالك الذي تدعمه بالشهادات والخبرات، إذا نحن نخسر خيرة الخيرة لصالح غيرنا، فلماذا لا يدعو هذا صناع القرار للقلق؟.
لماذا يهاجر الأردني؟.
ليعيش، ويعيش فقط بحياة رغيدة فيها سبل الرفاه والاستقرار المادي والترقي الوظيفي، وهذا ما يفتقده مهاجرونا عندنا، ولا ألوم أي منهم، فالإنسان كائن يبحث عن مصالحه في النهاية، وهذا ما يعني حتمية الهجرة في حال افتقد الإنسان هذا في بلده.
الصورة الراهنة..
الأردني الآن أمام عدة خيارات، أولها أن يكون ضمن قطاع المهن الحرفية والبسيطة حيث سيتم منافسته من قبل وافدين هم بيننا لأسباب سياسية في بلادهم -لم يتم استقدامهم بناء على مهارات يتفوقون بها على العامل المحلي- بالإضافة للعاملة الوافدة التي انتشرت في عدة قطاعات بسبب مفهوم "ثقافة العيب" مسبقا والذي تلاشى تماما إلا أننا ما زلنا نستقدمهم بناء عليه، أو أنك ستتوظف ضمن وظيفة في القطاع العام المتخم بالموظفين مع إنتاجية ضعيفة، أو أنك ستقاتل للحصول على وظيفة كريمة في القطاع خاص منتهيا بالهروب وكل قدراتك من البلاد.
هل القادم أفضل؟..
مما زاد ريبتي وصدمتي هو سؤال وقع بين يدي من قبل يافع أردني (16 سنة) يبحث وأصدقاؤه من خلاله عن أفضل التخصصات التي تؤهله للعمل في في الخارج، وهذا يعني أن الجيل الواعد أصبح يعامل نفسه على أنه مشروع لبلد آخر، وهذا ناقوس خطر ينذرنا بالويلات من الحالة الذهنية للمجتمع الأردني حيال الأمر.
الحلول المطروحة..
لكبح جماح هجرة العقول الأردنية فعلينا فورا البدء بتوفير بيئة عمالية ناجحة، حيث يحصل فيها العامل على حقوقه جميعا دونما انتقاص، ومن حقوقه التطور الوظيفي والراتب المجزي والبيئة الوظيفية الآمنة، بالإضافة لترك مساحة إبداعية للعمال في الأردن، وإني أرى تشجيع الاستثمار عاملا مهما في خلق هذه البيئة الجاذبة، كما على صناع القرار وضع المزيد والمزيد من الشروط لاستقدام العمالة الوافدة مما سيوفر وظائف للأردنيين.