قد يكون الحديث عن حقوق الحيوان في مجتمعاتنا أشبه بتشغيل صوت راغب علامة بهدف إنقاذ مواطن وقع في منهل، وإذا ما كان الضحية سائح أجنبي فسوف نحتاج لمترجم فوري من خزانة الإسعافات الأولية.
بشكل عام تحظى الحيوانات الأليفة هنا بنظرة رحيمة تنبع من مواعظ دينية مسيحية وإسلامية، مما يحملنا على التقدم بمسافات عن بعض الثقافات التي تبيح قتلها وأكلها كما لو كان الإنسان أكبر مفترس على هذه الخليفة، بل أن الحيوانات المفترسة لا تعذب فرائسها ولا تقيم المهرجانات لقتل عشرات الآلاف من هذه المخلوقات اللطيفة، ومع ذلك وحتى في تميزنا عن هذه الثقافات الداعشية نحن بحاجة لقوانين تحمي هذه الحيوانات.
قبل اسبوع حظر عندي "قط بلدي" يلتقط أنفاسه الأخيرة، كنت أشاهده في الحي وأحيانا أضع الطعام له، كان يستجير من عذابه الناجم عن جرح كبير في رقبته ربما بسبب حادث سيارة أو "مشاجرة بلدية"
حملته بالقفص وذهبنا لأقرب طبيب بيطري بمنطقة خلدا، وهناك قامت الطبيبة بوضعه على الطاولة وبدأت تحدثني عن التكاليف: القط يحتاج لصورة طبقية وفحوصات دم لمعرفة وظائف الكلى، ناهيك عن تكلفة العملية والمضادات اللازمة لتطهير الجرح، كما أن تكلفة مبيت القط ١٥ دينارا عن كل ليلة.
دفعت جزء من التكاليف ومن ثم طلبت مني تعبئة نموذج يتضمن اسمي واسم القط الذي لم يكن له إسم فأسميته "هواش" من باب توصيل رسالة الأقل حظاً للحصول على خصم إنساني، فتفاجأت الطبيبة بالإسم وقالت: البسبوس إسمه هواش! .. وتفاعلت معها كما لو كنت استمع لراغب علامة يغني: المعادلة الصعبة
في اليوم التالي اتصلت بي الطبيبة وقالت: للأسف هواش ما صحي من البنج، وذهبت لأخذه والبحث عن مكان لدفنه، وعندما وصلت اخبرتني بأنهم لا يأخذون تكاليف من أصحاب القطط والكلاب التي تموت في عيادتهم، وأنهم عملوا الواجب مع هواش وسلموه لعمال الوطن الذين بدورهم رموه في الزبالة، موضحة أن هذا هو القانون وهكذا تطلب منهم الحكومة أن يفعلوا بالحيوانات الميتة.
شعرت بالذنب فقد أكون ضيعت عليه فرصة النجاة قبل أن يزور مركز طبي لأول مرة بحياته، ويأخذون بياناته، وبعدها يستمع للموسيقى ويلقب بالبسبوس ومن ثم يموت في اليوم التالي من تسميته!.
ربما يقدر هواش هذه المحاولة لإنقاذه وقد يسامح بقصة القانون الذي يلقيه في الزبالة، ولكنه لن يغفر لأي جهة تتلقى المساعدات بإسمه.