تطبيقات الذكاء الصناعي ومكافحة الإرهاب
سعود الشرفات
15-06-2023 10:02 PM
يتسارع استخدام الذكاء الصناعي بشكلٍ هائل. وفي فترة بسيطة ربما يفقد العقل البشري قدرة التحكم به حسب اعترافات الكثير من الخبراء في مجال البرمجيات.
إن أحدى معضلات الذكاء الصناعي هي مقدار قدرتنا على التكيف معه. هل نستطيع التكيف بنفس السرعة؟ وما هي الاخلاقيات التي ستأطر استخدامات هذا النوع من الذكاء، لأنه حتماً سيطيح أو على الأقل سيهز ويغير الكثير من قناعاتنا كبشر. وبالتأكيد سيضع الكثير من مسلماتنا، والسرديات الثقافية الكبرى أمام محنة السؤال.
لأن التكنولوجيا محايدة، فهي تمنح كافة الأطراف فرصا متساوية تقريباً للاستفادة منها، وعلى رأس ذلك تطبيقات الذكاء الصناعي. ومن هنا فهي تمنح الدول وجماعات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية فرصا متساوية للاستفادة واستخدامه لأغراضها الخاصة.
تستطيع الدول استخدام الذكاء الصناعي في توقع الهجمات الإرهابية وإحباطها والقبض على المخططين لها قبل تنفيذها. قد يبدو هذا الأمر وهما أو متخيل أو مستبعد للبعض لكنه حسب رأيي ممكن ربما ليس الآن لكن في المستقبل القريب وحسب توفر الامكانيات والخبرات.
للتذكير فقط؛ عام 2002 قام المخرج الأمريكي ستيفن سبيلبيرج بإخراج فيلم " مينورتي ريبورت" من بطولة توم كروز، وكولن فيريل. الفيلم باختصار يقدم ويشرح بكثير من التفاصيل المثيرة كيف يستطيع الذكاء الصناعي منع الجرائم قبل وقوعها. ومعلوم للمتابعين ان هوليوود والسينما الأمريكية هي جزء من تجليات العقل التكنولوجي الأمريكي.
يبقى الجانب المرعب من المسألة، وهو انه بالقدر الذي تمنحه إمكانيات الذكاء الصناعي للدول في مكافحة الجريمة والإرهاب؛ فإنها تمنحه للجماعات الإرهابية، فتزيد من قدرتها على الدعاية والتجنيد والتمويل والتخطيط وتنفيذ العمليات الإرهابية النوعية.
اليوم، يحظى متصفح شات جي بي تي (المُحوّل التوليديّ المُدرَّب مُسبقًا للدردشة (ChatGPT) وهو روبوت محادثة طوّرته أوبن إيه آي وأُطلق في العام الماضي في نوفمبر- تشرين الثاني- 2022 بالكثير من الاهتمام والمتابعة في العالم لدرجة تثير الفزع والرعب والخوف من الامكانيات الكامنة في هذا الروبوت لدرجة انه سيحول منصات بحث مشهورة مثل جوجل إلى شيء من مخلفات الماضي لأن البرمجيات المستخدمة في هذه المنصة، على عكس جوجل لا تقدم المعلومات فقط، بل الأخطر أنها تقدم المعرفة في متوليات لا نهائية.
والأخطر؛ ان هناك منافسة دولية شديدة اليوم بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا وأوروبا الغربية على تطوير هذه التقنية لحماية أمنها القومي، لما لهذه التقنية من خطر داهم على الأمن السيبراني بشكل خاص.
المهم في الأمر؛ أنه بالنظر إلى السهولة التي يبدو عليها استخدام هذه المنصة في نماذجها الأولية والتي تبدو مغرية للمهتمين في شتى المجالات، إلى درجة ان إدارة التعليم في مدينة نيويورك منعت الوصول إلى منصة (شات جي بي تي) في ديسمبر-كانون الأول - 2022، وأعلنت عن حظره رسميًا في 4 -كانون الثاني -يناير 2023 في خطوة تبدو أنها الأولى في العالم للتحذير من خطورتها؛ فأنه من المتوقع ان تجذب إمكانيات هذه المنصة المرعبة انتباه جماعات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية في العالم. وهذا ما سيضع أعباءً جديدة على مؤسسات إنفاذ القانون العالمية وأجهزة مكافحة الإرهاب. ولذلك يتطلب منها بناء قدرتها الذاتية في التدريب والتطوير والاستثمار والاستفادة من الخبرات العالمية، خاصة في الدول التي ما تزال تعاني من تهديد الإرهاب العالمي والجماعات الإرهابية، وعلى رأسها الدول العربية.