هل تسرع الاردن بالطاقة المتجددة؟
المهندس عبدالفتاح الدرادكة
15-06-2023 03:52 PM
لقد وصل الاردن الى مستوى يزيد على الـ 30% من مجمل استهلاك الكهرباء من الطاقة المتجددة سواء كانت رياح او شمس حيث انه وحسب التقرير السنوي لشركة الكهرباء الوطنية لعام 2021 فإن نسبة مشاركة الطاقة المتجددة من اجمالي الاستهلاك بلغ 27.5% شاملا الطاقة المتجددة لدى شركات التوزيع على انظمة صافي القياس والعبور(Net Metering and wheeling)
وبناء على التقرير السنوي للعام 2022 والذي لم يصدر لغاية تاريخه فمن المتوقع ان تكون النسبة قد تجاوزت ال 30% ، وهنا لا بد من التوقف عند هذا الرقم لتقييم الوضع من حيث اننا فعليا دفعنا ثمن اننا كنا سباقين في المنطقة في الوقت الذي تأنى غيرنا واستفادوا من انخفاض كلف الطاقات المتجددة بشكل كبير جدا خلال السنوات 2012-2018 ، وهناك سؤال قد يسأل وهو ماهي الفوائد التي جنيناها لنكون سباقين في تبني الطاقات المتجددة وهل حققت الهدف منها في توفير كلف انتاج الكهرباء فعلا ام ان الفائدة كانت نظرية بالنظر الى واقع تشغيل النظام الكهربائي الذي يتطلب ان تكون استطاعته التقليدية قادرة على مواجهة الاحمال القصوى الصيفية والشتوية على اعتبار ان الطاقات المتجددة ولعدم وجود التخزين لا يمكن اعتبارها في مواجهة تلك الاحمال ، ولحصر الفوائد المتحققة من الطاقات المتجددة لا بد من التطرق إلى الحيثيات والظروف والاسس التي تم بموجبها السير ببناء مشاريع الطاقات المتجددة سواء كانت شمس او رياح لإثراء التجربة والاستفادة منها للعمل المستقبلي انسجاما مع رؤية التحديث الاقتصادي التي اولت هذا الموضوع الاهمية التي تستحق .
عند بداية دمج الطاقات المتجددة في عام 2015 والتي تزامنت مع البدء بتشغيل ميناء الغاز المسال في العقبة حيث تم تشغيل مزرعة رياح الاردن في الطفيلة باستطاعة 117 ميجا واط وكذلك انخفاض اسعار برنت الذي كان ينعكس على اسعار الغاز المسال فإن اثر الطاقة المتجددة لم يكن ملموسا ذلك العام لتذبذب اسعار برنت ولكن الاثر المعنوي وبداية التعامل معها كان يشفع للطاقات المتجددة على انها طاقات محلية بامتياز امكن من خلالها توفير عملات صعبة واعطاء جرعة ثقة للنظام الكهربائي بإعتباره سباقا في تبني الطاقات المتجددة وعلى وجه الخصوص محطة رياح الاردن التي كانت وما زالت تعتبر الاكبر استطاعة في المنطقة
عند بداية عام 2016 ومع بداية تشغيل المرحلة الاولى من الطاقات الشمسية في معان باستطاعة 200 ميجا واط فقد تحققت خسارة امكن استيعابها من التوفير في اسعار الغاز المسال الرخيصة في ذلك الوقت علما ان مساهمة المرحلة الاولى من شمس معان لم يتجاوز ال 1.8% من اجمالي التوليد في المملكة مع تحقيق شركة الكهرباء الوطنية ربحا صافيا ذلك العام اي (2016) بقيمة 32 مليون دينار
مع بداية تشغيل المرحلة الثانية باستطاعة 200 ميجا واط في عام 2018 وكذلك تشغيل رياح معان باستطاعة 85 ميجا واط ومحطة القويرة الشمسية باستطاعة 103 ميجا واط والمشروعين كانا من ضمن المنحة الخليجية اصبحت الطاقات المتجددة منافسة سعريا لاسعار الوقود وبالتالي اصبحت الطاقات المتجددة مكون مهم من مكونات النظام الكهربائي
بالاضافة لكل ما سبق فإن وجود 1000 ميجا وات كصافي قياس (Net Metering) كربط مباشر على المنازل او عن طريق العبور ادى الى تخفيض الكلف لدى المستهلكين سواء المنزليين او الصناعيين والتجاريين وغيرهم بما لا يقل عن 200 مليون دينار لسنة 2022 والرقم مرشح للارتفاع في السنوات القادمة.
مماسبق يمكن القول أن الاردن دفع ضريبة انه كان سباقا في تبني الطاقات المتجددة بسبب ارتفاع الاسعار لغاية 2015 حيث ان الاسعار التجارية التنافسية لمشاريع الBOO بناء وتملك وتشغيل انخفضت بالمعدل من 110 فلس للكيلو واط وهو معدل اسعار الجولة الاولى عام 2012 من العروض المباشرة الى حوالي 48 فلس للكيلو واط وهو معدل سعر الجولة الثانية عام 2016 ،واخر سعر للجولة الثالثة من العروض المباشرة في عام 2018 كان بمعدل 25 فلس للكيلو واط وكان مستغربا تعليق هذه الجولة وعدم استغلال اسعارها المتدنية علما ان وبناءا على تواصل التنسيق وتبادل المعلومات مع الاشقاء في مصر فإن الأسعار في مصر لتك الفترات كان مساويا ومتناسبا مع الاسعار التي تم الحصول عليها في الاردن بطريقة تنافسية
من العرض اعلاه يمكن القول انه اذا كان هناك تسرع في السير في بناء مشاريع الطاقات المتجددة فإنه كان نتيجة الحاجة لمواجهة ارتفاع اسعار مصادر الطاقة التقليدية بسبب انقطاع الغاز المصري وارتفاع اسعار الوقود مما اضطر الحكومة الى البحث عن مصادر ارخص وانظف فكان خيار الطاقات المتجددة النظيفة وما عزز القناعة بالطاقة المتجددة في حينه ارتفاع كلف توليد الكهرباء من الوقود الثقيل (Heavy Fuel )والخفيف (Light Fuel) حيث وصل سعر إنتاج الكيلو واط من الكهرباء بسبب الاعتماد على الوقود اعلاه الى 180 فلس للكيلو واط علما ان معدل اسعار الجولة الاولى 110 فلس للكيلو واط للطاقة الشمسية و80 فلس للكيلو واط لطاقة الرياح مما تم اعتباره في ذلك الوقت خطوه مهمه في تخفيض كلف انتاج الكهرباء
والله من وراء القصد