في الاسبوعين الماضيين تصدر خبر «خرج ولم يعد « واجهة الصحف والمواقع الاخبارية.
و توالت الاخبار عن اختفاء اطفال، ورغم اهتمام الاعلام بعيد الاضحى وتأجيل اقساط البنوك، وحالة الطقس، ونتائج امتحان الشامل. فاين يختفي الاطفال الهاربون ؟ وهل هناك شبكات للاتجار في الاطفال في الاردن ؟ يستهل خبر هروب طفل، وينتشر الخبر في الاعلام، وتتداوله وسائل السوشل ميديا، وتنشر صورة الطفل على مسطحات الميديا، وتنهال الدعوات بالتعرف على هوية الطفل، ومساعدة اهله في العثور عليه، وتنجبل بدموع الشوق ولهفة الفقدان والانتظار، وغسيل العواطف .
و بعد ايام معدودة يعثر على الطفل، وينسى المجرم ولا تعرف هويته.. وينتشر خبر العثور على الطفل دون اي ايضاحات عما وراء اختفائه، ولا يوضح للرأي العام، اين كان الطفل مختفيا، وماذا كان يعمل خلال فترة الاختفاء ؟
عمان مدينة موحشة، وفي عمان والزرقاء واربد المدن الكبرى تعيش عائلات واطفال بلا مأوى، يعشيون في الشوارع والاماكن المهجورة، وفي النهار ينتشرون في قلب المدن وعلى مقربة من الاحياء الغنية والتجمعات السكانية المتوسطة يتسولون ويبحثون عن لقمة عيش.
لا احد يوما سأل من هؤلاء الاطفال المشردون في الشوارع ؟ اطفال من الجنسين ذكور واناث، وصاروا شبابا ومراهقين يقيمون في المدن، وبلا عائلة ولا مأوى.
في عالم خفي. عالم مليء بالاسرار والغرابة.. وعالم لا نعترف به مجتمع يدعى المحافظة والتدين، ومجتمع مكسي بقشة ناعمة. عالم تحكمه قوانين الفوضى، وعالم تزدهر به تجارات ممنوعة ومحظورة، وعالم يعيش ويكبر في زوايا واحشاء المدن.
تزداد اعداد العشوائيين في الاردن، ووصلوا الى ارقام مذهلة، ورسميا ليس هناك رقم لدى وزارتي الداخلية والتنمية الاجتماعية. اعتقد انه من اعقد الملفات اجتماعيا، تحذر المؤسسات الاجتماعية الاقتراب منه، ولا يحظى باي اهتمام رسمي. اقصى كلام حكومي في الملفات الاجتماعية الغامضة لا يبتعد عن التسول.
الظاهرة عابرة للاجيال، وتنذر بمخاطر وامراض اجتماعية عنف مركب. و عندما نقرأ ونسمع خبرا عن هروب واختفاء طفل فلا يكفي البكاء ودموع التماسيح، والنفاق الاجتماعي.
في وقائع هروب واختفاء الاطفال، ثمة خبر لم يكتمل نشره ، ولكل واقعة هروب بقية من السردية لم تحكَ بعد. اطفال يهربون ويختفون في عالم جرمي غامض.
(الدستور)