في عام 1985 جلس إلى جواري في المقعد الدراسي زميل "مسيحي" وكانت أوّل مرّة ألتقي من خلالها بشخص من ديانة مختلفة، جلست إلى جانبه مرغما كون توزيع مربي الصف "أجى هيك"، طبعا بقيت أرقبه بنظرات خجلى تتسلل إلى حقيبته المدرسية تارة والى ما يكتب تارة أخرى، وأنا أقول في نفسي "مش معقول يكون زينا"، لكن سرعان ما تبدد هذا التساؤل عندما خرجنا لحصّة الرياضة، حيث أصرّ زملاء لنا يعرفوه مسبقا أن يكون هو الحكم "لأنه ما بغاوز مع حدا".
كنت مندهشا طوال الوقت من فادي، ومن المعلومات المغلوطة التي كنت أعرفها عن الديانة المسيحية و التي جاء فادي ليبددها، وليتبين لي في هذا العمر أن أبنائي أيضا لا يعرفون شيئا عن الديانة المسيحية وأنا أرى أن هذا واجب وليس من مبدأ "اقرأ واستمتع"، وطالما أننا ندرس مادة التربية الإسلامية ولخصوصية وجود إخوة وأهل ذمّة بيننا فمن المهم جدا أن تتضمن شيئا ولو يسيرا يعرّف أبناءنا الطلبة بالديانة المسيحية وبأهميّة أن تذكّرهم أن لهم ما لنا وعليهم ما علينا.
محزن جدا ما حصل لأقباط مصر، وأنا أكاد أرى ذات اليد السوداء التي تلطخت بالغدر والقتل في كل الوطن العربي تحاول إثارة الفتنة بين أبناء مصر الطيبين، وأنا بهذا المقال لا أحاول المقاربة بين وضع الأقباط في مصر والمسيحيين في الأردن ولكن "ككائن بشري" أحمل هواجس في داخلي أخشى أن تمتد يد فتنة فتجد بيننا مكانا –لا قدّر الله- لأن البعض يحمل أفكارا مغلوطة لا تجد من يصححها.
قام الكفّار بتفجير كنيسة الأقباط في مصر منغصين على المسلمين حياتهم والأقباط عيدهم مخالفين بذلك كل الشرائع السماوية...
في الأردن نحن نحتفل كل بداية عام بأنّ بين ظهرانينا أهل ذمّة نرعى ذمتهم، ونشكر الله على أننا ما زلنا لذمتهم حافظون.
بقي أن أخبركم أنّ فادي وعند امتحانات الثانوية العامة اختار أن يدرس مادة التربية الإسلامية كبديل لمادة الكيمياء، حيث كانت طبيعة الامتحان تسمح للطلبة المسيحيين الاختيار، ونجح بتفوّق فيها.
وأنا كمسلم أعرف مسيحيو الأردن وأفضلهم على الكيمياء، وعلى كعك العيد أيضا.
qusainsour@yahoo.com