بعد احداث القويسمة، كثر الحديث عن قوات الدرك ووجه البعض اليها اصابع الاتهام بالافراط في استخدام القوة في تلك الاحداث. وتجاوز البعض المنطق وكال العديد من الاتهامات بأنها كانت السبب في الجرعة الزائدة من القوة التي استخدمت في حينها وادت الى تصعيد الموقف بالطريقة التي رأيناها. ويبدو لي كمراقب ومحلل ان جهات ما اعلامية او سياسية ربما استغلت الحادثة للاساءة الى تلك القوات وخلط الاوراق بطريقة ماكرة لتغذية اجندات محددة اقل ما يقال فيها انها اجندات غير وطنية.
ان المؤسف ان لدى النخب على اختلاف تنوعاتها في مجتمعنا ميل غير طبيعي للحكم على المشهد، اي مشهد، من خلال بعض جزئياته الصغيرة واحيانا غير المهمة ومن ثم تعميم هذا الحكم على ظاهرة اوسع، وهذا علميا ومنطقيا اسلوب غير جائز ولا يخدم المصالح العامة ولا يساهم في ابتداع حلول ناجعة للمشاكل التي تواجهنا.
فمثلا عندما يقوم شخص ما بارتكاب خطء ما فاننا لا نتهم ذلك الشخص فقط بل نتجاوز في اتهاماتنا الى انتماءاته الاجتماعية او السياسية او الفكرية وقد نتجاوز ذلك الى اتهام الوطن الذي ينتمي اليه..
تعد الوحدات الامنية المنضوية تحت المديرية العامة لقوات الدرك وحدات نخبة تخضع لعمليات تدريب وتأهيل خاصة على درجة عالية من الاحترافية تمزج ما بين الحزم المطلوب في هكذا مواقف ومتطلبات حقوق الانسان. وتتمثل واجباتها الاساسية في التعامل مع الاحداث عندما تصل الى مراحل حرجة ويصبح من غير الممكن احتواؤها من قبل وحدات الامن التقليدية. اي ان دور هذه القوات التدخل لمنع الموقف من ان يتطور الى فوضى ويصبح خارج نطاق السيطرة، وكلنا نعرف ما هي مضاعفات ان يصبح الموقف خارج نطاق السيطرة.
اذن، ما تقوم به قوات الدرك يقع دائما ضمن معادلة حفظ الامن والسلم الاهلي والحيلولة دون انفلات الاوضاع في الشارع الى ما لا يحمد عقباه.
الا ان البعض يصرون على خلط الاوراق والتصيد في الماء العكر كلما تطلبت الاحداث تدخلا من قوات الدرك لمنع انتقال الاوضاع الى حالة الفوضى وانعدام الامن، فيلجأون الى الردح والشتم واجتزاء الحيثيات الصغيرة وتكبيرها بسؤ نية بدلا من الاحتكام الى العقل الوطني الواعي الذي يعتبر الوطن قيمة عليا ومؤسساته خطوط حمراء يجوز مناقشتها والسعي الى تطوير اداءها ولا يجوز الاساءة اليها تحت اية يافطة.
ان المسألة برمتها تتلخص في ان علينا ان نكون ايجابين في التعاطي مع الشأن الوطني.. فالسلبية في التعاطي مع الوطن وقضايا الجوهرية لا تخدم احدا..
وفي الختام، لا بد من توجيه تحية اكبار واجلال للنشامى في قوات الدرك.
qatamin8@hotmail.com