لا تسجلوا مكالمات غيركم !
د. أشرف الراعي
13-06-2023 08:07 AM
تتمتع المراسلات والاتصالات بالحماية القانونية والجزائية سواء كانت هذه الاتصالات تتم بشكلها التقليدي؛ مثل الرسائل البريدية، أو الشخصية، أو المكالمات الهاتفية، أو الاتصالات عبر التطبيقات الهاتفية، بشكلها المتطور الذي شهده العالم في الفترة الأخيرة، لا سيما مع انتشار المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي والأنظمة والمنصات الإلكترونية.
تتضمن هذه المراسلات قواعد جمع البيانات والهوية الشخصية أوالرقمية أوالحسابات الإلكترونية الشخصية على الأنظمة الإلكترونية سواء البنكية أو غيرها والتي يمكن تعريفها بأنها "مجموعة من الحقائق أوالقياسات أوالمصطلحات أوالأرقام أوالرموز التي تم معالجتها بواسطة جهاز حاسوب"، وكذلك المعلومات مثل معلومات التعريف، والمعتقدات الدينية، والحالة الاجتماعية والمعلومات الصحية الطبية، والحسابات المالية، ومعلومات عن مكان تواجد الأفراد، منذ البدء بجمعها، وتخزينها ومُعالجتها، وحتى حذفها.
وكرس الدستور الأردني أهمية الحفاظ على هذا الحق عندما نص في المادة 18 منه على أنه "تعتبر جميع المراسلات البريدية والبرقية والمخاطبات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال سرية لا تخضع للمراقبة أو الإطلاع أو التوقيف أو المصادرة إلا بأمر قضائي وفق أحكام القانون"، ويلاحظ أن الدستور الأردني الصادر عام 1952 جاء متقدماً في هذا المجال، كما سار في ذات السياق العديد من الدساتير العربية المقارنة، وتناولته العديد من الأحكام القضائية العالمية؛ وفي ذلك يقول القاضي الأمريكي كولي إن "الحياة الخاصة هي أن يترك الإنسان وشأنه"، وهو ما قررته العديد من الأحكام القضائية.
بالعودة إلى النصوص القانونية التي تعالج هذا الأمر؛ فلا بد من الإشارة إلى نص المادة 348 / مكررة من قانون العقوبات الأردني التي جاء فيها "يعاقب بناءً على شكوى المُتضرر بالحبس مُدة لا تقل عن ستة أشهر وبالغرامة مائتي دينار كل من خرق الحياة الخاصة للآخرين باستراق السمع أو البصر بأي وسيلة كانت بما في ذلك التسجيل الصوتي أو التقاط الصور أو استخدام المنظار، وتُضاعف العقوبة في حال التكرار"، والتي في ظاهرها تمنع من أي تسجيل صوتي، ومن هنا فقد كرس قانون العقوبات هذه الحماية.
كما نصت على هذه الحماية المادة 71 من قانون الاتصالات الأردني؛ والتي جاء فيها: "كل من نشر أو أشاع مضمون أي اتصال بواسطة شبكة اتصالات عامة أو خاصة أو رسالة هاتفية اطلع عليها بحكم وظيفته أو قام بتسجيلها دون سند قانوني يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر واحد ولا تزيد على سنة أو بغرامة لا تقل عن (100) دينار ولا تزيد على (300) دينار أو بكلتا العقوبتين".
وعليه لا يجوز تسجيل الاتصالات الهاتفية عكس ما يجري للأسف في مجتمعنا وبصورة متكررة تخرق حرمة الحياة الخاصة وتؤدي إلى وقوع الكثير من المشكلات والعواقب السلبية التي تؤثر في بنيان المجتمع وتهدم الثقة بين أفراده ..
لذا توقفوا عن تسجيل مكالمات غيركم !..