إصلاح الرأي العام، وصناعة الوعي
علي السنيد
12-06-2023 11:01 PM
تحرص الدول كي تنجح سياساتها العامة على ان تكون مدعومة برأي عام متوافق معها، ومؤيد لها، وليشكل حافزا لمزيد من العطاء لمؤسساتها الدستورية، وتتجنب ان تحاط بدائرة من الشك، والارتياب في قراراتها، وان تتنامى المشاعر السلبية، والتنافر الداخلي الذي لا يمكنها من تحقيق شيء يذكر، وتتدنى فيها مؤشرات الإنجاز.
وفي حالات تدني الوعي تسود الاشاعة سطح الحياة العامة، وتعلو الغوغائية، وخطاب الكراهية منصات التواصل الاجتماعي، وتختفي عفة الكلمة ، ومسؤوليتها.
ويزيد تأثير الظواهر الصوتية، ويتوارى أصحاب الفكر ، والرأي عن المشهد ، ويتحول الرأي العام الى محرقة للسياسيين.
والرأي العام صناعة يتقنها ثقات السياسيين، ورجال الاعلام والصحافة، والهيئات الثقافية ، والفنانون، والمؤسسات التعليمية، والشيوخ والوعاظ في المؤسسة الدينية، والقادة الاجتماعيون، وقادة الاحزاب، والشباب الواعد.
وهؤلاء يشكلون المزاج العام، ويشيعون الامل في النفوس، ويجب ان تكون مشاعرهم ايجابية إزاء الدولة من خلال اعطائهم دورهم التنويري، والوطني .
وهم جزء من المشهد العام ، ومن المصلحة العامة ان يكونوا في بؤرة الحدث، ويطلعوا على المعلومات الدقيقة، ويعرفوا الصورة على حقيقتها .
وعندما يتخذون المواقف الصحيحة ، ويعبرون من خلال ارائهم، وكتاباتهم، واليات تعاطيهم مع الاحداث عن حقيقة الموقف كل في مجال تأثيره .
وبذلك يقل الحقن السلبي للمجتمع، وتسميم الرأي العام، وتوتيره، ودفعه نحو المغالاة. وتتوقف عملية تضليل الرأي العام في عديد من القضايا التي قد تلتبس على الناس.
ويمكن للدولة ان تتجنب مخاطر المتزلفين، والذين يزينون الواقع، واصحاب المصالح الضيقة ممن يساهمون في زيادة حدة الرأي العام، وسلبيته ، وهم يدفعون المجتمع الى التشكيك بكل شيء.
ولا شك ان الرأي العام تنعكس فيه صراعات الطبقة السياسية التي تدار في سياق مصالح شخصية بحتة لدى البعض.
وانا اعتقد ان حكومات عديدة اخفقت في كيفية التعاطي الايجابي مع الأردنيين الذين يفيضون طيبة، ومشاعرهم نقية، وقلوبهم بيضاء، ويميلون للبساطة، ويوسمون غالبا بالتوازن في التعامل مع احداث الحياة وتقلباتها.
ذلك ان الاردني يفتدي بلاده بالغالي والنفيس ، وهو لا يطلب المستحيل، ويتفهم الظروف ، ويدرك شح الامكانيات ، ولكنه يحتاج الى من يقترب منه ويحاوره في قضاياه، ويستمع له، ويفتح له الابواب الرسمية، ويصدقه في القول، والعمل.