السماء تمطر مراسيم وفرمانات
عطا مناع /بيت لحم
19-07-2007 03:00 AM
كان الله في عون الشعب الفلسطيني الذي يخرج من أزمة ليدخل في أخرى تدفعه خطوة باتجاه معاناة يبدو أنها لن تنتهي، معاناة بدأت بالفساد والمحسوبية وفوضى السلاح التي قادت إلى تشكيل المليشيات والعصابات التي فرضت ثقافة القوة أو بشكل أدق العربدة التي أدخلت المجتمع الفلسطيني في متاهة الجدل العقيم حول الشرعيات والصلاحيات والاستراتيجيات الوطنية وآفاق ترجمتها إلى مشروع وطني تتفق علية قوى الصراع.وبعيدا عن الدخول في تفاصيل الأحداث التي حولت الصراع الثانوي إلى تناحر دموي راح ضحيته المئات من المواطنين في قطاع غزة الذي أصبح في قبضة حركة حماس من الناحيتين الإدارية والقانونية، ولتكون بداية الفصل بين الضفة وغزة،وتشكيل الرئيس عباس حكومة الطوارئ بعد أن أقال حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية التي جاءت كتتويج لاتفاق مكة.
وقبل أن يتعافى الشعب الفلسطيني من الصدمة التي اصابتة جراء ما آلت إلية الأوضاع بدء كل طرف باصدار المراسيم والفرمانات الارتجالية ،هذه الفرمانات التي دفعت بالا وضاع إلى الطريق المسدود، وإغلاق أي نافذة أمل ياتجاة الحوار الفتحاوي الحمساوي وبالتالي اتساع رقعة الخلاف وفتح أبواب جهنم على الشعب الفلسطيني من خلال التصعيد السياسي الغير مدروس في الضفة الغربية وإطباق الحصار المقرون بالتوغلات الإسرائيلية في قطاع غزة.
لقد أصبح الشغل الشاغل للرئاسة في رام الله إصدار المراسيم التي من شأنها سحب البساط من تحت حركة حماس،ليصبح الشعب ويمسي على مراسيم رئاسية اتصف بعضها بالارتجالية وردات الفعل ولتدخل رجال القانون والسياسة في حلقة جديدة من الصراع في المسألة القانونية والصلاحيات الممنوحة للرئيس الفلسطيني لإلغاء العمل بعض مواد القانون الأساسي وتشكيل حكومة الطوارئ برئاسة فياض،مما غلب الثانوي على الرئيسي وتركز التناقض على الأعراض الجانبية وغابت المسألة الرئيسية المتعلقة بالواقع الفلسطيني الجديد والمتفاقم جراء المواقف المعلبة.
وفي قطاع غزة باشرت حركة حماس بإغداق الكرامات على المواطنين، فكان العفو العام عمن قالت أنهم ارتكبوا جرائم بحق الشعب،وعمدت للمباشرة بحملة تطهير سياسي وثقافي لكل من يتناقض معها، فكان إطلاق الرصاص على المسيرات لان الشعارات التي رددها المشاركون في المسيرة أغضبت عناصر القوة التنفيذية ، وصدر فرمانا بتدمير تمثال الجندي المجهول برمزيته الوطنية التي تؤكد البعد القومي للقضية الفلسطينية،وفي غزة أقال رئيس الوزراء المقال القائد العام للشرطة الفلسطينية الذي كان قد حذر عناصر الشرطة من التعامل مع حماس، وأخيرا إصدار فرمان بتشكيل جهاز امني جديد ليبسط الأمن والأمان كما يقولون في غزة.
وببساطة لقد اتخموا الشعب بمراسيمهم الخلافية وبذلك نأوا بأنفسهم عن الشعب وما يعانيه وبالتحديد في قطاع غزة ، ويتحدد أكثر ما يعانيه ستة آلاف فلسطيني عالقون على معبر رفح الحدودي للشهر الثاني ينتظرون تحرك فلسطيني موحد لإسدال الستارة على هذه المأساة التي ابتلعت تسعة وعشرون فلسطينيا وفلسطينية ناهيك عن الحرمان من ابسط الحقوق فقط لكونهم غزيون، وبالتالي هم إحدى أوراق الصراع المستخدمة بحماقة تعكس بؤس الحالة الفلسطينية ومواقف الإطراف الأكثر بؤسا في معالجة الأزمة التي قد تتحول إلى كارثة وطنية بين ليلة وضحاها ليقتصر الفعل الفلسطيني على الزيارات الكاريكاتيرية أو المساعدات المالية الاستعراضية.
ومن المؤكد أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من انتهاكات يقوم بها حكام غزة ورام الله وصلت إلى درجة انقلاب الشرعية المنتخبة على شرعية الشعب والعبث المبرمج بمكونات النظام الفلسطيني والتعرض لشرعية المقاومة ،هذا يؤكد أن وراء الأكمة ما وراءها، وأننا سنستيقظ ذات صباح لتطالعنا الأنباء بمرسوم جديد يصادر ما تبقى لنا من حرية وكرامة ،ولن يجدوا صعوبة في ذلك فالقاموس السياسي الفلسطيني ينضح بالكثير من الأحكام الجاهزة ، لأنهم استسهلوا إطلاق الأحكام على الناس فلا تتفاجأ عزيزي المواطن أن تكون إرهابيا دون أن تدري، ولا تستغرب أن توصم بالإلحاد رغم انك من رواد المساجد، لأنك المواطن المغلوب على أمرة المطلوب منة أن ينصاع للمراسيم والفرمانات الناطقة بالعربية ،والله الشعب اعلم.