زفاف ولي العهد: عبور الوطن إلى مستقبل واعد
أحمد عبد الباسط الرجوب
11-06-2023 09:51 AM
تعتبر مناسبة عيد الجلوس الملكي المجيد التي تصادف هذه السنة الذكرى الرابعة والعشرين لتربع جلالة الملك عبدالله الثاني على عرش أسلافه المنعمين، فرصة عظيمة للشعب الاردني قاطبة، ليعبر كعادته عن مدى تعلقه بأهداب العرش، ومدى حبه ووفائه وولائه الصادق للجالس عليه، في كل مظهر من مظاهر فرحته الكبرى بهذه الذكرى الخالدة، كما تعتبر هذه الذكرى أيضا فرصة خاصة لتعزيز وتجسيد البيعة ، .. تهل علينا هذه المناسبة الوطنية وقد تزامنت في ذات الشهر او على مقربة منه عيد استقلال الوطن ومناسبة زفاف ولي العهد ، أقول بهذه المناسبة العظيمة، مناسبة يوم الوفاء والبيعة، يوم يحيي به الأردنيون هذه الذكرى، وفاء للمغفور له بإذن الله، جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، واحتفاء بالبيعة لجلالة الملك عبدالله الثاني، وتسلمه سلطاته الدستورية، ملكا للمملكة الأردنية الهاشمية، أتقدم بهذا المقال المتواضع : " من عهد البيعة إلى تحقيق الديموقراطية إلى التنمية الاقتصادية إلى الوحدة الوطنية الشاملة". تلك هى مقدمة مقالي وسوف انوّخ ركابي على بيدر الزفاف والعرس الملكي ، وهنا تتوارد بي الافكار الى حيث الكلام الهادف ، واوجز بالقول " زفاف سمو ولي العهد : عبور بالوطن إلى مستقبل واعد "..
لقد عبر الاردنيون من شتى اصولهم ومنابتهم على الالتفاف حول قيادتهم إلى أن بلغت هذه "البيعة" أوجها من الالتحام والوفاء في يوم الفرح الوطني ، فقد تجلى ذلك في سيمفونية ملحمة التباهي والاعتزاز بالامير الشاب وابتهاج في عرس وطني غنى به الاردن وعلى امتداد رقعة الوطن فرحا بعرس زين الشباب ولي العهد الامير الحسين المعظم ، وهو ما يشير بوضوح لا لبس به بمسألة البيعة عند الاردنيين مع ملوكهم عبر التاريخ، مبرزا آثار هذه البيعة، باعتبارها القاسم المشترك بين الراعي والرعية، وباعتبارها كانت وما تزال، سر عزتنا وقوتنا وانتصاراتنا وجمع شملنا وتوحيد صفنا...
لقد كانت بلادنا في يوم الزفاف الميمون حديث على لسان البشر في اصقاع الدنيا ، فالفضائيات المحلية والعالمية كانت حاضرة والصحفيون تصدرت الاخبار عناوين وكالاتهم ، وهنا يأخذني الحديث الى تفكيري الهادف دوما الى الاستثمار وتحقيق المنافع من اي انجاز او حدث في بلادنا وبخاصة الزفاف الملكي الميمون ، عهدا جديدا بفرح اردني نحصد ثماره في قريب الاجل ، نشرح اكثر ونقول ابتداءً :
بعيدا عن التنظير وفي رأينا الشخصي لا بد من نهج جديد في الشكل والمضمون (اعادة البناء rebuild) من خلال التركيز على سيادة القانون في عملية الاصلاح السياسي والاداري للدولة الاردنية ومن خلال تجربة الاردنيين السابقة بأن الحكومات دوما تلجأ للمناورات وهو ما بدى جليا بأن حبل المناورات والمكر السياسي قصير وان هذه الاستحقاقات كان لها عواقب إيجابية على المواطنين الاردنيين حيث بدى واضحا ان هذه الحكومات باتت عاجزة عن تقديم ما هو النافع للأردنيين وانهم أي الاردنيين لم يعد يثقوا في المناورات وان الشعب ينتظر دوما قيام الحكومات بإصلاحات كبيرة وعميقة من حيث الاهتمام بإصلاح الإدارة في اجهزة الدولة والذي يتطلب تعديل وتحديث (مدونات السلوك الوظيفي Job codes of conduct) وكما أن إدارة الاقتصاد لا تعني مجرد تحقيق النمو الاقتصادي، أو إنجاز استقرار اقتصادي كلي، على حساب التنمية الاقتصادية والإنسانية المستدامة " لا " ولكنه أداة لتحقيق الحياة الكريمة لعموم المواطنين، فدور الحكومات التركيز على الإنسان باعتباره أداة التنمية وغايتها في نفس الوقت مع الأخذ في الاعتبار المتطلبات الإنسانية والبشرية والاجتماعية للمواطنين وما يتطلب قيام الدولة بتوفير لهم خدمات عامة متكاملة تحقق لهم ولأسرهم الأمن والصحة والعيش الكريم وأن تتيح لكل إنسان فرصة عادلة لكي يتقدم في الحياة، لا أن تراكم عليه ديونًا وتغلق أمامه أبواب العمل والأمل، ثم تطالبه بضرائب ورسوم لقاء معيشته على تراب بلده..
ولما تقدم ولضرورة المرحلة المنتظرة فإنه يلزم التركيز على ذروة سنام النهوض والتطور وهى " التنمية الاقتصادية ومشاريع الاستثمارات الضخمة Mega investment projects " والتي دوما ينادي بها جلالة الملك عبدالله الثانياطال الله بعمرة .. وهذه تعتبر من أولى الأولويات الاهتمام بالبناء الاقتصادي للوطن (ما خلصت اليه ورشة العمل الاقتصادية - الديوان الملكي)، مع إرساء أسسه النظرية والفلسفية والتخطيطية لها ذاتيتها المستقلة، لا برجوازية تهيمن فيها الحرية الفردية المطلقة على حريات الآخرين، على مبدأ "إغناء الفقير دون إفقار الغني"، مع مراعاة الصالح العام بجانب المصلحة الخاصة المشروعة لطرق الإنتاج والتوزيع والاستهلاك والاستغلال انطلاقا من ظروف البيئة الوطنية، وإمكانات البلد البشرية والمادية، سواء في الميدان الزراعي، أو التجاري أو الصناعي ، ومنهجية برنامج وطني طموح لخلق وظائف للاردنيين (ومكافحة البطالة Fighting unemployment) بتخفيضها بنسبة تدريجية تصاعدية وعلى مدار عشرة سنوات قادمة.
إن أزمة الإدارة سياسية من الدرجة الأولى يقوم عليها اشخاص ليسوا مؤهلين إداريا ولا حتى فنيا ولا حتى على إدارة بيوتهم وهم نتاج مطابخ وصالونات عمّانية ذات الصخب السياسي الهزلي ... فالإدارة حين تتحرر من ضغوط وتأثير القرارات السياسية بالفكر الإداري الصحيح ، تنجح وتعطى نتائج مبهرة فالمشكلة في الجهاز الإداري للدولة حين يخضع لتأثيرات معينة ، تجافى المنطق الإداري السليم في اختيار القيادات الإدارية في مختلف المؤسسات العامة ووحدات الجهاز الإداري للدولة وعندما يتم التعامل بالمنطق الإداري السليم وبالحرفية الإدارية المقبولة المتعارف عليها إدارياً، فإننا سنشهد طفرة في أداء الجهاز الإداري بالدولة التي نشكو منها ، وعليه فإن تحليل هذا السبب يقودنا إلى المعالجة السريعة للتخلص من هذا الداء ويجعلنا نضع خطوة جادة للقضاء على ما أصاب بعض من مؤسساتنا وجهاتنا الحكومية من ترهل إداري – (للانصاف لدينا مؤسسات ناجحة يشار اليها بالبنان) - وذلك بتفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة وكذلك تفعيل جهاز قياس الأداء الحكومي المتميز وأن يتم اختيار القيادات الإدارية المناسبة المؤمنة بالهدف المؤسسي الملتزمة بأدائه والتي تتمتع بمستوى علمي فائق، وتتميز بالتطور والإبداع.
خلاصة القول :
لقد اعتاد الارنيين بين الفينة والاخرى على موسمية التعديلات الوزارية الحكومية وما تتداوله النوافذ الإعلامية على اختلاف منابرها وخاصة فيما يتعلق بهذه الظاهرة العجيبة الغريبة في بلادنا وهى "ظاهرة التعديل الوزاري " وما اكثر المنشغلين في هذا الاطار من ارتباك "قسري" حول تكهنات من سيخرج ومن سياتي .. وكأن الرئيس سوف يهبط عليه الوحي ليلقنه بأسماء الذوات الذين بيدهم خلاص الامة من براثن العفن والفساد والترهل الذي أصاب مفاصل وأركان الدولة وفي كل "المطارح" على رأي إخواننا اللبنانيين ، وغالبا تعيدنا للمربع الاول..
معظم رؤساء الحكومات السابقين امتهنوا الترقيع الوزاري ، لإحداث تغييرات محدودة على القشرة الخارجية لنهج سياسي واقتصادي ضعيف والاتيان بوزراء مجربين اعتلاهم الصدأ وقد جثموا على صدر وزارت بعينها لسنوات اختبأوا خلف المحسنات الاعلامية ولم يضيفوا جديدا لأدائهم الا تحميل هذه الوزرات وأثخناها بالقروض ناهيك عن تنفيذ المشاريع الفاشلة والتي اذا ما قدر لفتح ملفاتها يوما سيظهر منها العجب العجاب والعبث الإداري وأيضا الاتيان بوزراء ممن سبق وان جربوا في وزارات كانت خلفهم تئن من وطأة سوء ادارتهم وادائهم السيئ...
وعليه ، واستثمارا لفرح الاردنيين بزفاف ولي عهد مملكتنا كمرحلة تاريخية جديدة .. فما احوجنا الى تغيير النهج في الاداء الحكومي ، والاتيان بطواقم من الخبراء المتمرسين غير المجربين ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب لقيادة المرحلة القادمة تمشيا مع توصيات اللجنة الاقتصادية الملكية..
حمى الله الاْردن وادام عليه نعمة الامن والامان في ظل قيادتة الهاشمية الحكيمة المظفرة ..