في ضوء الأوضاع المأساوية للبلديات، تبرز إلى الواجهة عدة مشاريع نُفذت من قبل بعض البلديات وسط احتفاليات اعتبرتها إنجازات مهمة، طالما تغنى بها رؤساء البلديات وطالما قدمها البعض منهم ضمن سجل إنجازاته وجزءًا من وسائل اقناع الناس لإعادة انتخابه.
لكن مجرد التدقيق في تلك المشاريع ينتهي إلى قناعة بأنها مشاريع كارثية حملت البلديات أعباء مالية كبيرة وتحولت لاحقًا إلى أعباء بحكم ثبوت عدم جدواها أو نتيجة للآثار السلبية التي يتركها على المدن الكبرى.
وعند الوقوف على أعمال رؤساء البلديات نجد أكثر اهتمامهم بتقديم الخدمة لمن قدم لهم الصوت مقابل تلك الخدمة مع تهميش الفئة الأخرى المقابلة بصرف النظر على أنه مواطن أردني .
فالانتخابات البلدية قد ولدت شرخًا كبيرًا واسعًا بين أبناء المجتمع الأردني، علمَا بأنه يوجد العديد من المهندسين قد قضوا سنوات طويلة في دراستهم في الجامعات من أجل فهم كيفية تخطيط المدن وتنميتها وتحديثها من خلال الدراسات الهندسية الحديثة.
إذ نجد المهندس صاحب العلم والخبرة ينتظر دوره في ديوان الخدمة المدنية ونجد من يستلم مهامه أكثرهم من يحمل الثانوية العامة .
إذ نرى من خلال تتبع أعمال البلديات في الشمال والوسط والجنوب نجد بأن مشاريعهم تقوم على مبدأ توسيع الأرصفة على حساب الشوارع، وإقامة مطبات عملاقة وهي المطبات التي تراجعت عنها الجهات المصممة لاحقًا، ناهيكم عن الأرصفة التي تحولت إلى مواقف سيارات بينما تحولت الشوارع إلى ممرات للمشاة تتزاحم أرجل المارة وعجلات السيارات وبسطات الخضار الهاربة من السوق الشعبية، والنتيجة أزمة مرورية خانقة ومنظر لا يسرُّ صديقًا.
ومنذ بداية استلام الرؤساء مجالس البلديات لم نجد في أعمالهم إلا دهان أرصفة الطرقات والاهتمام بها بعيدًا عن إعادة ترميم الشوارع التي مضى عليها الزمن وأصبحت مهترئة وكأن زلزالاً أو بركانًا فجرها.
فلا وزارة البلديات تعترف بمسؤوليتها في فشل تلك المشاريع والأعمال التي تقوم بها البلديات ولا البلديات نفسها ترى أن المشاريع مصممة في الفضاء وليس المدن.
وهو ما يضطرنا إلى إعادة النظر في قانون البلديات بأن يُسّلم الأمر إلى أهله بعيدًا عن الانتخابات.
لذا يجب على الحكومة ومجلس النواب مناقشة ذلك الأمر في جديّة ، لأن الأردن يستحق الأفضل ونحن نسعى ليكون الأردن جميلاً منافسًا للدول المتقدمة من حيث جمال شوارعها وبنيتها التحتية التي تحتاج إلى خبرات بعيدا عن الواجهات .