لم تكن اسرائيل يوما إلا عدوة للسلام فهي تلعب منذ اربعين عاما بورق هذا السلام الوهم، وتؤكد على قول الارهابي شامير عندما ذهبوا الى مدريد انهم سيستمرون بالمفاوضات العبثية الى ما لا نهاية ويلعبون على الوقت ولن يقدموا شيئا للحل..
واليوم تتسارع خطوات حكومة الكيان الصهيوني المتطرف وكل حكومات هذا الكيان متطرفة منذ أن أنشئ، وتتوالى هذه الخطوات للسيطرة على الحرم القدسي وتغير الواقع التاريخي لهم رغم انه مدرج عل قائمة اليونسكو وهذا معناه ان المساس به ممنوع.
والاسرائيليون يختلفون على كل شيء ويجمعون فقط على غاية واحدة هي السيطرة على الحرم وقضمه وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى، لم يكن أولها عقد حكومة نتنياهو اجتماعها في الأنفاق التي حفروها تحت الأقصى، وخلال الأيام الماضية ظهر مشروع قانون أعده الإرهابي عضو الكنيست وحزب الليكود "عاميت هليفي"، كما جاء في صحيفة عمون، ويهدف هذا القانون إلى تقسيم الأقصى مكانيا بين المسلمين واليهود، وإعادة تعريفه إسلاميا بوصفه مبنى الجامع القبلي حصرا، وأن كل ما سواه من مساحات الحرم غير مقدسة إسلاميا، وينص المشروع على تخصيص محيط المسجد الأقصى القبلي جنوبا للمسلمين في حين تخصص قبة الصخرة التي ستتحول إلى الهيكل المزعوم وحتى الحد الشمالي لساحات الحرم إلى مساحات لليهود تحت وتكون تحت تصرفهم .
إذن المخطط جاهز والخرائط كذلك، وإسرائيل في هذه الخطوة لن تكون تلعب بالنار بل ستشعلها داخل فلسطين وكل المنطقة حربا دينية لا هوادة فيها، تقودها الشعوب، وكما قيل.. إن الشعوب إذا غضبت فتكت، إن سكوت العالم وخصوصا الولايات المتحدة "الراعي الرسمي لإسرائيل" والعالم العربي والإسلامي سكوت مريب، ولا يقدر قادة هذه الدول التي تدعي أنها تحمي السلم العالمي خطورة العبث الإسرائيلي في الأقصى، فهو بالنسبة لكل مسلمي الأرض أينما وجدوا دونه الروح والشرف، ولا يغرنهم صمت الشعوب الإسلامية كل هذا الزمن عما يجري في فلسطين والقدس بالذات، لأن معظمها مقهور مغلوب على أمرها، ولكن إذا انفلت الغضب من عقاله سيحرق العالم لأن الأقصى كما ذكرت جزءا أساسا من عقيدتهم، والعاطفة الدينية إذا سيطرت على أصحابها جعلتهم لا يبالون في أي فعل يمارسونه، إذا ظل العالم صامتا إزاء العبث الإسرائيلي، فإن قادته يجرون المنطقة وخارجها الى حرب دينية تعيدنا إلى العصور الوسطى.
هل يعقل أن تترك حفنة من المتطرفين اليهود الذين تملأ رؤوسهم الخرافات أن يعبثوا ويهزوا السلام العالمي؟، ربما يصبر الفلسطينيون على القتل والتدمير، ولكنهم ومن خلفهم كل أمتهم سيتحولون إلى بارود لا يرحم إذا تجاوزت الاعتداءات الإسرائيلية على الأقصى الخطوط الحمراء.
استمرأ الإسرائيليون دخول المستوطنين إلى الأقصى يوميا من بعد صلاة الفجر إلى ما قبل الظهر، وفرضوا أمرا شبه واقع على طريق التقسيم الزماني ويجهزون الآن اللإنتقال إلى القسم الثاني من خطتهم، وهو التقسيم المكاني، الخطوة التي ستكون الفتيل الذي يشعل الحرب في العالم كله، وستكون حجة لكل إرهابي أينما وجد أن يمارس هوايته ويضرب بالناس بكل الاتجاهات بحجة الدفاع عن الأقصى، ساعتها ستختلط الأوراق وتلتبس النظرة.
إذا مجانين تل أبيب يدفعوننا والعالم إلى معركة دامية يختلط فيها الحابل بالنابل ويسيل الدم، لذلك يجب أصحاب النفوذ في العالم أن يتصدوا إلى العبث الإسرائيلي ويوقفوه ويواجهونه بحزم، ليس فقط من أجل الأقصى وجبرا لخواطر المسلمين وحفاظا على مشاعرهم، بل حماية لهم ولغيرهم من حرب مجنونة إذا اشتعلت لن يستطيع إيقافها ،كما ان العرب والمسلمين مطالبون اليوم بالتخلي عن رخاوة المواقف وبهت البيانات، فالقدس والأقصى ليسا للفلسطينيين والأردنيين وحدهم، فالأقصى قبلة كل المسلمين وثالث مساجدهم وهو الحد الفاصل بين الكرامة والذل والشرف والخيانة والنصر والهزيمة.