كان الإعلام وسيبقى عصب الحياة في الماضي والحاضر والمستقبل وسيبقى دوره مهما في حياة الشعوب اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا ودينيا ورغم وجود قدر جيد من القدرات والإمكانيات الإعلامية العالية إلا أنها لم تستغل وهذا ما انعكس سلبا على أداء مجتمعاتنا العربية لاسيما في ظل اكبر أزمة اقتصادية حيث لايزال يخيم الفشل في جذب الاستثمارات المحلية والعالمية بشكل مدروس وبما يمكن من توظيفه اجتماعياً من خلال غرس بذرة العطاء في قلب المجتمع بدلاً من الاعتماد على مالا يغني ولا يفيد المجتمع دينياً واجتماعياً واقتصادياُ من الممارسات غير اللائقة بثقافتنا المعطاء

أن دور الإعلام في تحريك عوامل القوه في المجتمع العربي عموما وفي الأردن خاصة لا يزال محدوداً ولم يستغل الإعلام بعض المزايا الموجودة في المملكة وفي مقدمتها المناخ المفتوح والأجواء التشجيعية، حيث يمكن توظيف كل قدرات وطاقات الإعلام المتاحة في ترويجها وبأطر أكثر فاعلية من حصرها بالدعاية والإعلان التي كثيرا ما تفضي إلى نتائج غير محمودة العواقب في حين يمكن أن يقوم الإعلام بتبني الأفكار الجيدة التي تقوم على أسس ترسي الثقافة الإيجابية وتجعل جميع أفراد المجتمع يدركون حقيقة ما يتوفر لهم ببعث الرسائل غير المباشرة الهادفة إلى تعزيز ثقافة المجتمع من جهة ودعم الاقتصاد المحلي من جهة أخرى وتوسيع إطار القاعدة المادية التي تمكن الأردن أن يلعب دورا محوريا ليس على صعيد المنطقة حسب بل ابعد من ذلك في كل ما يعنيه المصطلح من أبعاد سياسيه واقتصاديه .

إن جانب مهم من قدرات الإعلام لاتزال بعيده عن واقع الحياة في الأردن لاسيما ما يخص الاقتصاد الأردني الحقيقي (بالرغم من بعض المحاولات الإيجابية) وبعيداً أيضا عن تصوير حياة المجتمع الأردني الحقيقية وكأن المجتمع هنا تنقصه تلك الإرهاصات غير المناسبة من النواحي الاجتماعية والاقتصادية

إن الحاجة للإعلام البناء للمجتمعات في الوقت الراهن ازدادت أكثر من أي وقت مضى لاسيما في وظيفته التثقيفية الإيجابية وتجنب وسائل الإعلام عرض كل ما من شأنه إبعاد المواطن عن إدراك دوره الحقيقي في تحمل مسؤولية، المواجهة المجتمعية لظاهرة انعكاسات الإشكاليات الخارجية وفي مقدمتها تداعيات الأزمة الاقتصادية الكبيرة ودخول حيثياتها الكثير من تفاصيل حياتنا اليومية نتيجة زيادة تكاليف الحياة ، والمواطن البسيط يحتاج إلى جرعات تثقيفية عن الوعي الاقتصادي ومعنى الاستثمار والادخار وكيفية موازنة المصاريف مقارنة بالإيرادات، رغم أن الغالبية العظمى منهم بعيدا عن سوق الأسهم وما أصابها من مخلفات أكبر كارثة اقتصادية مرت على المواطنين (والكثير منهم لم يعرف الأسهم إلا من خلال العقود الأخيرة) واعتقد الجميع أنهم سيحققون أرباحاً ولا يوجد خاسر في سوق الأسهم وأثناء ذلك الوقت كانت غالبية وسائل الإعلام في سبات عميق ولم يوفق الغالبية في تثقيف المواطن البسيط بل على العكس كان البعض يروج وبشكل مخيف عن أحلام ربما تكون في متناول يد ابسط المواطنين. رغم أن مؤشر الأرقام وبدون تحفظ، ذهب ضحيتها المواطنين البسطاء ليس لهم من ذنب إلا أنهم أرادوا أن ينموا دخلهم الشخصي إلا أنهم اختاروا المسلك الخاطئ.

إن علاقة الإعلام بالاقتصاد علاقة وطيدة ومتأصلة ومن الممكن أن يساهم الإعلام في دعم أو دحض الاقتصاد، فالأردن يعيش فترة نمو اقتصادي ملحوظ قياسا لإمكانياته المعروفة وبالرغم من أن هناك دوراً إيجابيا للإعلام في بعض الأحيان إلا أنه لا يزال يحتاج إلى مزيد من الدعم والمساهمة الفعالة في اقتصاد المملكة سواء كان إعلام مرئي أو مسموع أو مكتوب، فالمملكة تمتاز بمعدلات نمو منطقية وجيدة في مجالات عدة وفرص الاستثمار تبرز بين الحين والآخر والمملكة تتميز بوجود قاعدة طلب محلية قوية أفضل من عديد من الدول المجاورة والتي تعتمد على قاعدة طلب خارجية من الممكن أن تتغير في أي وقت وحسب الظروف.

وتأسيسا على ما تقدم فأن موضوع العلاقة الإيجابية بين الإعلام والاقتصاد يهم العديد من الجهات والقطاعات المجتمعية لما للإعلام الاقتصادي من دور في إبراز الأخبار وصياغة التقارير وبيان نتائج الأنشطة، وصناعة التصورات المستقبلية والمساهمة في تنشط الحركة الاقتصادية وتشجيع الاستثمار ورفد توجهات وأهداف التنمية بجوانبها المختلفة...الخ، وفي ظل تنامي الوعي المجتمعي بأهمية الإعلام الاقتصادي ودوره في ملاحقة الأحداث الاقتصادية العالمية، ومع إعلان الرؤية الاقتصادية للأردن، لذا نرى أنه من الأهمية بمكان البناء تجربة عمل على أن يكون هناك تنسيق فعال وجاد ومثمر ومتابعات مستمرة لمتطلبات واحتياجات المرحلة الحالية والمستقبلية لتعزيز دور الإعلام الاقتصادي لاسيما في تنمية الوعي الاقتصادي السليم في بلد طموح لاستثمار كل الظروف المتاحة لبناء تجربة متميزة يشار لها بالبنان عربيا ودوليا .