أعياد الوطن .. محطات للتأمل والتقييم ومسيرة واثقة
د. محمد ناجي عمايرة
08-06-2023 01:24 PM
الاحتفالات بالاعياد الوطنية متصلة منذ آذار الماضي حيث تعريب قيادة الجيش ويوم الكرامة ويوم الأم والى أيار حيث يوم الخامس والعشرين منه يوم الاستقلال والحرية والانعتاق من قيود الانتداب البريطاني ؛ والى حزيران حيث يوم الجيش العربي وذكرى انطلاق النهضة والثورة العربية الكبرى وعيد الجلوس الملكي.
واذ يحيي الشعب الاردني باعتزاز هذه المناسبات الوطنية والقومية فانه يعبر عن تقديره للجهود الكبيرة والتضحيات الجسام التي قدمها الاباء والاجداد منذ قيام الدولة الاردنية المعاصرة في هذا الحمى العربي في اوائل العام ١٩٢١ مع وصول الامير الهاشمي عبد الله بن الحسين بن علي الى معان ليكون الاردن منطلقا لرسالة الوحدة والحرية والنهضة و تعزيزا للمبادئ والقيم العربية والاسلامية والانسانية السامية .
و هذه المناسبات الوطنية هي محطات نتوقف فيها لكي نتامل ونقيم المنجزات الوطنية والحضارية ونعمل على ادامتها وتعزيزها بهمم الرجال وارادة النشامى وعزم الشباب وحكمة الشيوخ وباصرارهم على ان يكون هذا الوطن موئلا للانسان العربي وقاعدة عمل دؤوب من اجل غد مشرق عزيز .
بين عام ١٩٢١ وعام ١٩٤٦ كانت مسيرة عمل وبناء وترسيخ لأسس الدولة ومرتكزاتها وتعزيز روابطها بعمقها العربي وتاكيد انتماء شعبها الى امته العربية والاسلامية.
وهكذا كإن إعلان تاسيس الدولة في العشرينات بقيادة الامير عبد الله الاول تعبيرا عن طموح شعبنا الى استئناف مسيرته الوطنية وتوحيد جهود ابنائه في اطار كيان سياسي واحد رفضا للتجزئة وتطلعا الى تحقيق اماني العرب القومية في التحرر والاستقلال والوحدة وهي الاهداف التي لم تغب يوما عن ذهن القيادة الهاشمية سواء من خلال مشروع وحدة سوريا الكبرى او من خلال الجامعة العربية او فكرة التعاون والتضامن الاسلامي وهي حلقات مترابطة يعزز بعضها بعضا وان ظلت دائما قوى الشد العكسي موجودة والتحديات الداخلية والخارجية قائمة وخصوصا منذ نشوء الكيان الصهيوني في فلسطين بدعم الدول الاوروبية والولايات المتحدة .
لاشك ان المسيرة قد شهدت مراحل مختلفة بعضها نهوض ونمو وتقدم وبعضها انحسار وتوقف وتعثر الا ان هذه هي طبيعة الحركات الوطنية ومسيرة الدول . ولكن شعبنا ودولتنا الفتية لم تكن تركن الى القبول بالامر الواقع او الاستسلام الى الياس او التوقف عن العمل ولم تكن كثرة التحديات وقلة الموارد الطبيعية للدولة سببا في كسر الارادة او توقف المسيرة الوطنية .
لقد شهدت هذه المسيرة اشتداد الصراع العربي الصهيوني ومخاطر المشروع الصهيوني على الامة العربية وعلى فلسطين والمقدسات الاسلامية والمسيحية وكانت محطات هذا الصراع تشهد انكسارات كثيرة عام ١٩٤٨ وعام ١٩٦٧ نكبة ونكسة وحروبا ممتدة الا ان ارادة الامة لم تهزم وقدرتها على المقاومة لم تكسر .
على الرغم من كثرة المشاريع والمخططات الاستعمارية التي اعدتها الدول الاوروبية واميركا وعملت على تنفيذها بقوة المال والسلاح لتثبيت الوجود الاستيطاني الصهيوني وايصاله الى بر الامان على حساب الشعب الفلسطيني وارضه وحقوقه الوطنية وبالضد من ارادته ومصالحه وحريته واستقلاله .و عملا على كسر ارادة الامة العربية والاسلامية في التحرر والاستقلال والوحدة والتقدم .
لقد ظلت قضية فلسطين دائما قضية الاردن المركزية واهتمامه الاول على الرغم من كل المحاولات التي ما زالت مستمرة لثني الاردن قيادة وحكومة وشعبا عن هذا الموقف و ضرب هذه الارادة الوطنية والقومية .
اعود الى القول ان المشروع الوطني الذي قامت عليه الدولة الاردنية المعاصرة لم يكن يوما بمعزل عن الرسالة القومية او نكوصا عن اماني الأمة في الحرية والوحدة والسيادة والاستقلال بل تاكيدا على وجود الاردن في اطاره العربي والاسلامي والانساني .
وعلى هذا فان اعيادنا الوطنية هي موضع الفخر والاعتزاز وهي تذكير بواجبنا القومي .وتاكيد لدورنا وحضورنا الراسخ والدائم في اطار الامة العربية والاسلامية .والتزام لا يتزعزع بقضاياها واهدافها ،
وهي محطات لمراجعة المنجز وتلافي الأخطاء وتصحيحها ومكافحة كل عوامل التثبيط ومواطن الإفساد ، وتعزيز البناء ومواصلة المسيرة التنموية ، وترسيخ العملية الديموقراطية والرقابة الشعبية ، وصولا الى الاهداف والمصالح العليا للوطن والامة .
تحية للقيادة الهاشمية الواثقة ،ولشعبنا الواحد في مختلف مواقعه ،و طوبى للشهداء الابرار ،و عهدا على المضي قدما في مسيرة الوطن نحو اهدافنا الوطنية والقومية بعزم وثقة والتزام .