تشهد الدولة الاردنية في بدايات المئوية الثانية من عمرها منعطفاً تاريخياً في مسيرتها الوطنية والسياسية يتمثل في تحدي الولوج نحو آفاق جديدة من التحول الديمقراطي من خلال تطبيق مخرجات التحديث السياسي التي رعاها وضمنها جلالة الملك المعزز عبدالله الثاني ابن الحسين للوصول الى حياة برلمانية وحزبية لتكون البوابة لتكوين البرلمان على اساس برامجي حزبي وتشكيل الحكومة البرلمانية التي تمثل تطلعات المواطنين وفق برامج معلنة يتم الانتخاب على أساسها بعيدا عن العمل والانتخاب الفردي الذي اثبت التجارب والممارسات العملية انها تضعف دور النائب بالرقابة والتشريع وتفرز نواب على اساس رأس المال او القدرة على تقديم الخدمات للناخبين.
ان الفترة الممتدة من الان الى صيف عام ٢٠٢٤ تمثل عاماً حاسماً في تحقيق هذا التحول الديمقراطي الذي يتطلب أدوارا واضحة لمثلث تمثل اضلعه المواطن والحزب والحكومة بمؤسساتها المختلفة، ويتمثل الدور المطلوب من الحكومة في تسهيل وتذليل عقابات العمل الحزبي الوطني والسير بالإجراءات الدستورية للتعديلات على القوانين والأنظمة لمواكبة التحول ودعم برامج توعوية بأهميته لحاضر الوطن ومستقبله.
اما المواطن فيكمن دوره في الاقبال على المشاركة بالنشاطات والندوات المتخصصة بالتثقيف وزيادة الوعي السياسي والاطلاع ومتابعة برامج وسياسات الاحزاب والانضمام لها عندما تتولد القناعة لديه بهذا الحزب او ذاك.
الدور الاكبر والاهم في هذا المثلث يقع على عاتق الأحزاب السياسية المطلوب منها الكثير الكثير بالعمل الحقيقي المؤسسي الميداني والتفاعل مع مكونات شعبناً العظيم وتقديم البرامج العملية القابلة للتطبيق لتكوين هوية خاصة بكل حزب بعيدا عن العناوين الفضفاضة والاهداف المجردة التي تخاطب العواطف التي لن تجدي نفعاً مع مواطننا الذي يرسخ تحت وطاءة ظروف معيشة واقتصادية ومتطلبات حياتية صعبة.
اذ على الاحزاب التخلص من الطرق التقليدية في الاستقطاب والترويج لفكرها والابتعاد عن التنظير والتركيز على البعد الأيديولوجي الذي لم يعد يشكل أولوية في عقل ووجدان المواطن وعليه التوجه نحو تصدير قيادات تحظى بالقبول الشعبي وبعيدة عن النفعية والتكسب وقادرة على ترويج مبادئ الحزب وقيمه.
أننا اليوم - مواطنين وأحزاباً وحكومة - أمام مفترق طرق في مسيرتنا الإصلاحية والديمقراطية التي قدمها جلالة الملك ودعمها وبالتالي الدور الان على اطراف المثلث لتجسيد الرؤيا الملكية واقعاً عملياً وصولاً للحياة السياسية المرموقة التي نطمح اليها جميعاً وأي تقصير من اي طرف - وخاصه الاحزاب السياسية - في التقاط اللحظة التاريخية تحت أي ذريعة او خلافات شخصية بين قيادتها ومحاولة ركوب العربة قبل بنائها من خلال تصدير الوهم ومحاولات استعراض البطولات والإنجازات والتحشيدات الوهمية سيجعلها تتحمل المسؤولية عن ضياع الفرصة.