في رثاء صديقي وأخي المرحوم الشاعر المبدع والمثقف المتميز الأستاذ علي الفزاع

حينما أسبل جفنيه للنوم
وغاب
كان نسراً
يرتقي متن السحاب
عالي الهمة يعلو ثم يعلو
لم يكن يخشى تباريح الغياب
....

كان يدري
إنما الدنيا سرابٌ في سراب
لم تكن تلك النبوءات التي مرت كما الليل الأخير
عبثاً يعصف بالبال .. ولكن التراب
كان أحنى
حيثما يأتي الدعاء المستجاب
....

ألف ذكرى تبعث في النفس الشجى
أو تثير الصمت قولاً يستطاب..
آهٍ كم كنت رضياً يا علي
ولكم كنت الحفي
بالأب الصالح
والأم الحنون
والرضا كان هو السر
كما كان الجواب
....

آهٍ يا خلي الوفي
كان "فواز"يداري بؤسه المضني وكان
يضرب الأرض ويمضي
و هو لا يلوي على شيء
وكان
مثل كل الناس في الأرض اليباب
يتبع المحراث في الأغوار
والشمس على وشك الغياب
كان شهماً وعفياً
وعنيداً .. وقوياً
كفه تحفر في الصخر
لكي يقهر "أفواج الذئاب"
....

أترى أنت الذي أسرج هاتيك الخيول؟
أترى كان كلانا
شاعراً يبحث عن باقة ورد
من كلام
عطرها يبعث في النفس
السكينة
ويغالي في قوافي الحب
يرسم أسراب اليمام
أترى كان كلانا غيمةٌ تمطر حباً ووئام
آهٍ تلك الذكريات
والليالي الممطرات
والهوى عذب كما الصفو الزلال
و تعاريج الخيال
كلها تزهو بأحلام الرجال
حين يغدو الوعد عهداً
آهٍ
يا زينة هاتيك الخصال
كم تمردت على السائد المكرور
من قولٍ يقال!

صاحبي يا صاحبي
كنت سفيراً للجمال..
وحفياً بالمعاني
وافر الصيد شغوفاً بالظلال
كم تواعدنا
واخلفنا المواعيد
ولا نعرف وقتاً للزوال
وتسابقنا فكنت السابق الفرد
إلى تلك التلال
ما وراء الغيب لا ندريه
لكنا على دربك
نمضي للغد الآتي
ويبقى في فمي ذاك السؤال؟
أترى نعرف ما معنى الزوال؟!

* في النص اشارات إلى عناوين بعض مجموعاته الشعرية وقصائده: نبوءة الليل الأخير، وجزيرة الضباب، وفواز الغوراني.