فلسطين على خط النكسة ام الفجيعة؟!
محمد حسن التل
05-06-2023 04:33 PM
لم نعد نتحدث عن نكبة فلسطين في العام ١٩٤٨ ، وبتنا نتمسك بالحديث عن نكسة عام ١٩٦٧ ، وهذه مسميات اخترعتها السياسة العربية للتخفيف من هول الفجيعة التي المت بالشعب الفلسطيني يوم هجر من أرضه وشرد الى أصقاع الأرض من أجل فكرة خرافية في عقول صهاينة مأفونين ، وادعائهم ان فلسطين بالنسبة لهم ارض الميعاد في ظل تأمر دولي واسع..
والفجيعة لا زالت مستمرة وتتراكم ، وحلقاتها وتزداد ضيقا على الفلسطينيين خصوصا في الضفة الغربية بما فيها القدس ، وأصبح ما يحدث هناك جزءا من المؤامرة على تصفية القضية الفلسطينية برمتها ، فقد إعتدنا على خبر القتل الإسرائيلي للفلسطينيبن وتدمير بيوتهم وزجهم في المعتقلات في الليل والنهار ، وبات هذا وكانه عند العرب امر قبلوا به، حتى على مستوى الاعلام لم يعد يحظى بأي اهتمام سوى بمساحات رفع العتب ، كما غاب الحدث الفلسطيني عن السياسة العربية و الدولية، حتى بيانات الاستنكار الباهتة لم نعد بالكاد نراها ، ناهيك عما يحدث في الاقصى وتكريس التقسيم المشؤوم للزمان والمكان .
ما يجري هذه الاثناء في الضفة الغربية جريمة إنسانية بكل المقاييس ، فالناس يقعون بين فكي كماشة لا يرحمان ، البطش الاسرائيلي على مدار النهار والليل ، من جهة، ومن جهة اخرى إنعكاسات التنسيق الأمني المفروض على السلطة الفلسطينية مع إسرائيل ،وهذا بحد ذاته كابوس على صدور الفلسطينيين ، فلولاه لما استطاع الاسرائيليون الوصول الى المقاومين والمجاهدين ، ولا دخول المدن والقرى الفلسطينية ، فهم يتحركون بكل الاتجاهات في الضفة وعلى كل المحاور بناء عل المعلومات المقدمة لهم تحت عنوان التنسيق الأمني الذي تتبرع اطراف في السلطة بتطبيقه وتنفيذه بعزم واخلاص ، الامر الذي جعلها خصما لشعبها ، وقد اشهرت السلاح بوجهه وفتحت المعتقلات لأبنائه ، وتجاوز الامر الى إقتحام البيوت بطريقة تحاكي الطريقة الإسرائيلية، ناهيك عن العملاء الافراد الذين باعوا انفسهم لعدوهم .
الوضع القائم في الضفة يعمق الهوة بين السلطة وابناء الشعب الفلسطيني الذي يقاوم الإحتلال الاسرائيلي بكل ما اوتي من وسائل وقوة واقتدار على التضحية ، وللانصاف ليس كل رجال وقيادات السلطة على قلب رجل واحد نحو ما يسمى التنسيق الامني مع اسرائيل ، فالكثير من هؤلاء يرفضه وهذا ما عكسته عدد من العمليات ضد الجيش الاسرائيلي كان ابطالها ينتمون وظيفيا للسلطة في اجهزتها الامنية .
المشهد الفلسطيني اليوم يظهر في أصعب مراحله فعلاوة على التعنت الاسرائيلي عسكريا وامنيا وسياسيا فان الشرخ يزيد بين حماس في غزة وفتح "السلطة " في الضفة ، وما راقبناه قبل ايام من احداث مؤسفة بعد نتائج الانتخابات الطلابية في الضفة الغربية يؤكد ان المسافة مازالت بعيدة بين الطرفين ، ولازال الطريق مغلقا بين الضفة وغزة نتيجة الصراع الذي يزداد حدة وتعمقا بين حماس وفتح والفلسطينيون يدفعون الثمن وإسرائيل تقطف الثمر.. فهي تحتل الأرض بالمجان ،ولا يكلفها هذا الاحتلال شيئا ، اللهم سوى ثمن القذائف والرصاص الذي تقتل فيه الفلسطينيين ، وتكلفة الجرافات التي تهدم ببوتهم .
ليس من العدل بكل مباديء الدنيا..فما بالك بعدالة السماء.. ان تبقى الأوضاع في فلسطين على هذا الشكل من التعقيد ، ولا يجوز للعرب والعالم السكوت على هذا الواقع الذي يدفع الانسان الفلسطيني ثمنه من دمه ولم يعداحد تحت الاحتلال في العالم غيره،وعلى خط الانشقاق ومما يساعد بتكريسه أن
دولا عربية تنحاز الى حماس وتدعمها وأخرى تنحاز الى فتح وتحرضها ليستمر الشقاق بين الطرفين ، وفي العلن يطالبون الطرفين بتجاوز خلافاتهم وانهاء هذا الوضع .
ان محاولة تحويل الفلسطينيين الى سكان في ارضهم وليسوا اصحابها ومواطنين فيها واستهداف كل واحد منهم يرفع صوته في وجه الاحتلال والسكوت على هذا الواقع الاسود من كل العالم يمثل جريمة لم يسجلها التاريخ في ظل تدافع كثير من العرب إلى اقامة علاقات مع الكيان الاسرائيلي قافزين على القضية واصحابها في الوقت الذي تتحمل فيه القيادات الفلسطينية على مختلف اتجاهاتها السياسية المسؤولية الكبيرة حيث رهنت قراراتها للعرب وانطوت تحت يافطاتهم ومن جانب آخر استطعم كثير من هذه القيادات لذة طعم العمل السياسي المرفه بعيداً عن الخنادق والرصاص و المواجهة، فطاب لهم المقام في العواصم مكتفين بالتنظير بالإعلام والخطابات أمام الكميرات والجماهير.
لن تحل القضية الفلسطينية ولن يرفع الظلم عن الفلسطينيين الا بالمقاومة والمواجهة اللتان يتصدى لهما من هم على الارض هناك، الذين ولدوا في ظلال الهزيمة او بالاحرى الفجيعة تحت وطأة الاحتلال وحرابه هؤلاء الذين كان يراهن عليهم كثيرون بأنهم سيكونوا جيل لا تعنيه القضية ولا يعنيه الاحتلال وسيرضى بالواقع الذي ولد فوجده أمامه ولم يعرف وطنا دون الاحتلال ، لكنه صدم المراهنين واستلم زمان المبادرة وقلب الطاولة على الجميع وبعثر اوراقها عندما اشعل المواجهة مع الاسرائيليين بكل ثبات عناد وثبات لا يحمل في عقله إلا فكرة التحرير رغم المؤامرة عليه في الداخل والخارج.
ستظل فجيعة فلسطين مستمرة في تراكم حلقاتهاحتى يصحو العرب من غفوتهم التي طالت ويد كون جيدا ان ما يجري في فلسطين يهدد وجودهم..