سيدي الرقيب يقال انك منذ زمن اصبحت في دار الحق بعد ان كنت تمارس افعالك في دار الباطل وقالوا انهم انهوك لان لا حاجة لهم بك في زمن فرضت به وسائل عديدة ليعبر الناس عن ذاتهم بحرية وجرأة .. كنت انت تمنعها عنهم لان المجتمعات كانت منغلقة لتحمكها بقبضتك الحديدية من خلال دورك كرقيب تبتر اراء الصحفيين والكتاب.
هل تعلم سيدي الرقيب اننا نحن اليك لانك لم تكن منا وكنا نعرف انك تقوم بدور مرسوم وضمن نهج معين وتعرف حدودك في التدخل في المادة التي ستنشر في اليوم التالي اما نحن عندما نقوم بدورك فاننا نفتك بذوينا من آل المهنة الصحفية لاننا نخاف على كراسينا التي نسند ظهرنا عليها والتي لم تعد خشبية.
تذكرت زمنك وانا اقرأ رواية ذاكرة الجسد لاحلام مستغانمي عندما تتحدث عن بطل الرواية يوم كان مديرا للمطبوعات في الجزائر وبطل الرواية مبتور الذراع في حرب التحرير الجزائرية العظيمة عندما اتاه شاعر فلسطيني ليجيز له طباعة ديوان شعر فطلب منه حذف او تغيير بعض الكلمات فما كان من الشاعر الا ان نظر الى الذراع المبتورة قائلا لا تبتر قصائدي سيدي والذي توصل الى نتيجة ان عمله هذا ما هو الا لموظف استبدل رجولته كرسيا حسب الرواية فاستقال.
اما زمننا الذي نعيش فيه سيدي الرقيب من بعدك فانت تعرف اننا في دار الباطل وانت في دار الحق وفي دار الباطل حدث ولا حرج والزمن يتطور وتطورت الوسائل فاصبحت انت من اهلنا وتعيش بيننا بعد ان كنت زائرا لنا بحكم الوظيفة.
انت لم تكن تتلذذ بالشطب والحذف بل كنت تتلذذ باخلاصك لوظيفتك انت لم يكن همك الاول والاخير ارضاء الاشخاص بقدر ما هدفك ارضاء الدور الذي تقوم به وان تتمثله بأفضل حال اما من حل مكانك وهم كثر وقياديين زملاء وهو الاهم انهم زملاء بالاسم وليسوا بالفعل.
الزمن يتغير من حال الى حال وهم سيرحلون رغم تشبثهم بالكرسي مع ان الصحفي والمهني الحقيقي لم يكن يوما من الايام كرسي بل دائما عقلا ينير به طريق الغير وفكرا يلهمه لمن يتلقاه فالصحفي ليس حارس بوابة او حارس على الحدود بل هو جندي يقاتل ويستمتع بالمعارك الظروس.
ها هي المواقع الالكترونية صحافة الامل في الحرية والتي لا حواجز فيها ونتمنى ان تبقى كذلك ونعتقد انها ستبقى لانه لا مجال امامها الا بهذا النهج وهذا الطريق الصحيح لصحافة المستقبل ونرى ان بعض الكتاب الكبار اصبحوا يهربون اليها لئلا تطالهم اذرع الرقباء من اهلهم.