يسافر رئيس الوزراء سمير الرفاعي قريباً الى بغداد ، والموعد الذي تسرب كان الخميس الماضي ، ثم قيل الاثنين المقبل ، ولا احد يعرف الموعد النهائي لأسباب امنية.
طائرة اي ضيف رسمي تهبط بصعوبة بالغة ووسط مخاطر امنية في المنطقة الخضراء في بغداد ، ولا يمكن كشف الموعد اردنياً لدرء خطر الارهاب ، هذا على الرغم من ان العراقيين يسرّبون دوماً موعد الزيارة وساعتها في حالات اخرى.
قبل الرفاعي قام عدة رؤساء حكومات بالسفر الى بغداد ، وتم عقد لقاءات مع رؤساء الحكومات العراقية في بغداد ، وعقدت مؤتمرات صحفية بعد الزيارات السريعة والعابرة.
خلال الزيارات تم تناول عدة ملفات ابرزها ملف المعتقلين الاردنيين في العراق ، وملف النفط ، والتجارة ، واموال الاردن ومطالبات التجار على الحكومة العراقية.
آخر هذه الزيارات ، قام بها نادر الذهبي رئيس الوزراء السابق ، في رمضان ، قبل عامين ، حيث التقى برئيس الحكومة العراقية ، ثم طار الى الشمال ، والتقى برئيس الدولة جلال الطالباني في سليمانية كردستان.
لم تؤد الزيارة الى نتائج جوهرية ، اذ كان مقرراً ان يطلق العراقيون سراح الاردنيين ، غير انهم في بغداد قالوا ان المعتقلين ثلاثة فئات ، وهي المخالفات الادارية كالاقامة غير المشروعة ، ثم قضايا الارهاب ، واخيراً القضايا الجرمية.
اضافوا ان السجون في العراق ثلاثة فئات ايضاً ، سجون الحكومة العراقية ، السجون الامريكية ، والسجون في مناطق الاكراد ، وان لا قدرة لاحد في العراق على اتخاذ قرار منفرد بإطلاق كل سجناء الاردن في العراق.
ملف المعتقلين الاردنيين في العراق ملف لابد ان يحمله رئيس الوزراء الحالي ، ولابد من فتحه وايجاد حل جذري له ، بدلا من نوم المخطئين والمظلومين على حد سواء في السجون الباردة.
الملف التجاري مازال عالقاً ، والعراقيون وعدوا اكثر من مرة واكثر من رئيس حكومة ، بتشكيل لجنة اردنية عراقية مشتركة ، للبحث في مطالبات الاردن المالية ، حيث تضررت شركات كثيرة وتجار ، جراء عدم دفع فواتيرهم.
لم يتم تشكيل اللجنة ، ولم يتم دفع فلس واحد ، وهذه حقوق لأناس ، يتوجب حل مشكلتهم ، واعادة حقوقهم ، والمراهنة على الزيارة كبيرة ، لعل الجانب العراقي يدفع ما عليه من اموال للناس ، كما دفع تعويضات لشعوب اخرى.
الاردن لايطلب تعويضات ، بل فواتير مؤجلة ، لتجار ومستوردين ومصدرين وشركات ، وهذا ملف حقوقي قبل اي شيء آخر.
ملف التعاون الاقتصادي ملف آخر يحمله الرئيس ، والتعاون مازال في ادنى درجاته ، وميل العراقيين هو للمتاجرة مع الاتراك والسوريين والايرانيين وغيرهم ، وهناك مراكز قوى تدفع باتجاه القطيعة الاقتصادية مع عمان.
رئيس الوزراء نوري المالكي زار عمان مراراً والتقى بمسؤولين كبار يبدون اهتماماً بشأن استقرار العراق ، وموقف المالكي من الاردن جيد الى حد ما.
يكفي ان الاردن اغلق بواباته وحدوده في وجه تصدير الخراب والقتل الى العراق ، فوق الذي فيه ، والعراقيون يعترفون ان لاصداع في رؤوسهم من الحدود الغربية.
ذات المطالب الاردنية تكررت في كل الزيارات ، وخصوصاً ، زيارة رؤساء الحكومات عدنان بدران ومعروف البخيت ونادر الذهبي ، والواضح ان هناك ممانعة لانفتاح واسع على الاردن ، وهي العقدة التي نتمنى ان يحلها رئيس الوزراء سمير الرفاعي.
لم تعد الدولة العراقية ، دولة الفرد الواحد الذي يأمر بالنفط ويأمر بإطلاق سراح مواطنين ، وماهو واضح ان التعامل هو مع اتجاهات سياسية وعرقية ومذهبية متنوعة ، في الحكومة والبرلمان ، متفقة احياناً ، ومتضادة احياناً ، على صعيد توجهاتها وارتباطاتها.
هكذا مشهد يجعل مكاسب اي زيارة مكاسب عادية ، وعلينا ان لانبالغ في النتائج ، لان المشكلة ليست في عمان ، بقدر كونها في تعقيدات المشهد العراقي.
كل مايطمح اليه الاردن اليوم ، هو عدم خسارة العلاقة مع بغداد كلياً ، والحفاظ عليها ولو ضمن الحد الادنى ، لان هناك شعبين متجاورين تاريخياً ، قبيل ملفات الحكومات وصراعات الاقليم.
الرفاعي قريباً في بغداد ، ولننتظر ما ستأتي به الأيام.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)