رسم الأردن بالأمس أعظم صورة جمالية للفرح بكل معانيه، وللحب بأسمى أشكاله، وللبهجة بكل صنوفها، وللوحدة بأعمق دلالاتها، وللبساطة بكل تأثيراتها، وقوتها، واستعرض الأردن بالأمس قدرته الخلاقة على صناعة الفرحة، وصناعة الفُرجَة، وإصرار أبنائه على إعلاء رايته الخفاقة إلى عنان السماء.

أثبت أهل الأردن بالأمس أكثر من أي وقت مضى، عمق علاقتهم، وقرب صلتهم، بأقواس قزح، وأقواس النصر، وأقواس الآيات، والبسملات، وسرد الحكايات، ونشر البسمات، والضحكات. خرج أهل البلاد ليصنعوا الدهشة، والإبهار في عناقيد بشرية، حرة، حيّة، نابضة بالحب، والأمل، والمسرة، والفخار.

لم يكن من السهل فصل جغرافيا الحضرة الهاشمية، عن الحضرة الأردنية، كانت الحضرة واحدة، والمضارب واحدة، والدروب سالكة ممهدة، تحرسها القلوب المتلهفة التي تعيش انتظارات استقبال الموكب الأحمر، والأردنيون يجيدون الانتظارات، أدمنوا الوقوف على تخوم الانتظار، ينتظرون المطر، وينتظرون الربيع، وينتظرون صلاة الفجر، وينتظرون قرع جرس الكنيسة، وينتظرون الحبيب، فكيف إذا كان الحبيب هو الحسين، ورجوة الحسين.

زفاف الحسين لم يكن حدثاً عادياً في تاريخ الأردن الحديث، ولن يكون. عرس الحسين تأسيس لمستقبل واعد، الفرح هو العنوان، نعم، لكن طبول الفرح تقول كلاماً كثيراً والكلام مصدره القلب، ويستهدف القلب، القلب الأول هو قلب الملك العميد العتيد، قلب الأردنيين على قلبك، كلهم على قلب رجل واحد هو أنت. القلب الآخر هو قلب "العريس".

خرج أبناء الوطن بالأمس ليُشهروا "العرس"، ويشهروا البيعة على أشهاد الدنيا، للحسين بن عبد الله ولياً للعهد، باركوا الزواج، وباركوا الزوجة، وباركوا لأنفسهم بهذا الفارس الهاشمي النبيل، ولياً لعهد مملكتهم، وهم مطمئنين لفكرتي الاستمرار والاستقرار تحت الراية الهاشمية، يجاهرون بحبهم للمليك، وولي عهده، وحبهم لوطنهم، وتمسكهم بالعهدة والوحدة والمحبة.

كان الملك عبد الله حفظه الله، أباً حانياً هادئاً فخوراً مطمئناً، ويحق له الفخار بولي عهده، سرّه، وتربية يديه، وكانت الملكة رانيا حفظها الله، أمّاً بأسمى معاني الأمومة الحانية، وكان الأمير هاشم مدهش في مرافقته لعروس الحسين، وكانت الأميرة إيمان والأميرة سلمى من عناوين التواضع والمحبة والدماثة والأخلاق الهاشمية الرفيعة، وكانت حركة أبناء الأسرة الهاشمية بكامل أفرادها، تشبه نسمة الصباح المنعشة.

انتصرت البساطة، وانتصر الجمال، وانتصر الحب، وانتصر الشعب للعرش، وظلل العرش أبناء الوطن بالحب. شكراً للموكب الأحمر، وشكراً للتشريفات الملكية، وشكراً للأجهزة الأمنية التي كان فرسانها من مختلف الصنوف، يحرسون الفرحة، والبسمة لم تفارق شفاههم، وشكراً لكل من شارك في صناعة هذه الفرحة العارمة، ولكل من صمم وخطط وابتكر، شكراً لأصحاب الفكرة، وشكراً لمن نفذها، وشكراً لله من قبل ومن بعد، لهذا الشعب الوفي الأبي المجبول على المحبة والعطف والإخلاص والأخلاق، وحفظ الله المليك، والملكة، وولي العهد و"رجوته"، وهو رجوتنا، وفارسنا، ودهشتنا، ونجمة العلم في المواكب الحمراء.