من الأندلس إلى جنوب السودان
د. فهد الفانك
31-12-2010 03:08 AM
الأندلس دولة عربية عاشت ثمانية عقـود قبل أن يتم إسـقاطها وتهجير شـعبها ، فكان ذلك بداية مسلسل الهزائم التي منيت بها الأمة العربية ، وأدت إلى اقتطاع أجزاء من وطنها واحـداً بعد الآخر لحساب الجوار الأقوياء. أما آخر هـذه الاقتطاعات فهي الانفصال الوشيك لجنوب السودان.
بين الأندلس الفردوس المفقود وجنوب السودان في أعالي النيل ، مسلسل من الخسائر والتراجعات الجغرافية ، فدول الجوار أخذت تقتطع الأجزاء الطرفية من الوطن العربي جزءا بعد آخر: عربستان والجزر الثلاث لإيران ، لواء الاسكندرون هدية فرنسية لتركيا ، فلسـطين هدية بريطانية لإسـرائيل ، إقليم أوجادين الصومالي للحبشة بالقوة ، ويقف شمال العراق الآن على الدور وهو واقعياً دولة كردستان العراق القائمة فعلا ولا يؤجـل إعلانها رسمياً سوى اعتراض تركيا وإيران ، خشـية أن يفتح قيامها شـهية أكرادهما للانفصال.
نظام الحكـم في السودان انقلابي عسكري قيل أنه يملك مشروعاً ، أما المشروع السـوداني للحكم العسكري فهو تطبيـق الشريعة الإسـلامية في بلد 40 بالمائة من سكانه ليسوا مسلمين ويفضل معظم السكان المسلمون دولة مدنية لا دينيـة. ولهم تجارب في الممارسة الديمقراطية. والنتيجة القضاء على وحدة السودان كثمن لاسـتمرار العسكريين في الحكم.
من أسهل الأمور أن نعدد الهزائم (ونبكي مثل النساء ملكاً مضاعاً ، لم نحافظ عليه مثل الرجال) ولكن ما العمل ، والجوار ، سواء كانوا اصلاء أم دخلاء ، ما زالوا يتطلعون إلى الأرض العربية وثرواتها الطبيعية باعتبارها جوائز للطامعين.
ومن أصعب الأمـور أن نجيب على السؤال : ما العمل؟ وفي هذا المجال ليس هنـاك نقص في النصائح الجاهزة: الوحدة والديمقراطيـة ، ولكن من يعلق الجرس؟.
إذا كانت الوحدة والديمقراطية من ثالث ورابع المستحيلات ، فلا اقل من بروز دولة عربية قائدة ، فالدور ينادي ويبحث عمن يقوم به ، مصر تملك الثقل السكاني ، والسـعودية تملك الثقل المالي والاقتصادي ، وهناك قوى عربية تستحق أن توضع في معادلة 1+1=2 وليس 1-1 = صفر.
المهمات المرحلية العاجلة ليست مستحيلة: وحدة السودان ، وحدة وعروبة العراق ، وحدة الضفة والقطاع.
وندخل سنة جديدة- وندعو: الله يستر!.
(الرأي)