ماذا بعد اطفاء شعلة المدينة الثقافية؟!
رمزي الغزوي
31-12-2010 03:02 AM
في عام ألفين وسبعة كانت إربد مدينة الثقافة الأردنية. في هذا المشروع الريادي الذي قصد منه تطبيع المجتمع مع الفعل الثقافي. أي جعل الثقافة فعلاً طبيعياً وعادياً يمارس بكل تلقائية في كل أطياف المجتمع. كما هي حال في المجتمعات المتقدمة التي تعني بإنسانها. ثم حظيت مدينة السلط وبعدها مدينة الكرك ، وها هي الزرقاء تسلم الراية لمدينة معان ، لتتحفز ومن بعدها عجلون أو مادبا.
وفي هذا أرجو ألا نخشى السؤال الواخز: لماذا كان الفعل الثقافي احتفالياً مهرجانياً ، استعراضياً ، في غالبية فعاليات مدننا الثقافية ، وأنه كانت تهمنا سلسلة عداد النشاطات الذي تتناقله وسائل الإعلام ، حتى لو كان نشاطاً بلا حضور (أعرف نشاطات أقيمت دون جمهور بالمرة). ثم لماذا كان الفعل الثقافي نخبوياً مقصوراً على فئات محدودة من الناس ، ولم ينزل للشارع بمعناه الواسع والشامل المراعي والمتلمس لحاجاتهم وتطلعاتهم ، فالثقافة واسعة؟، ، ثم لماذا تم تكريس فكرة أن هذا الفعل الثقافي ، أو النشاط المسرحي أو الأماسي أو الأصبوحات الشعرية والقصصية ، هي الهدف بحد ذاتها ، وهي الغاية والمنتهى ، ورأس البيدر؟،.
ولا أزيد إن قلت إن تلك الأفعال والفعاليات والنشاطات ، ليست سوى وسائل وطرائق ودروب لتحقيق الهدف الأسمى ، المتمثل في تنمية المجتمع تنمية سوية راشدة مخطط لها ، ليغير من مفاهيمه ونظرته ، ثم ليغير من قيمه ، وبعدها يتغير سلوك أفراده إيجابيا تجاه الحياة. فغايتنا في نهاية المطاف هو إحداث تغيير في حياة الناس نحو الأفضل بكل تأكيد،.
لنكن واضحين ودقيقين ، فالملحوظة الأبرز التي نتلمسها مع تجارب المدن الثقافية السابقة أن الفعل الثقافي النشط والنشاط الذي تأجج ، إبان سنة الاحتفالية لكل مدينة ، كان هو الهدف المنشود والمقصود ، وقد صرفت الأموال والجهود في هذا المنحنى ، ولم تصرف في تكوين بنى تحتية تجعل من تلك النشاطات فعلاً عادياً في المجتمع ، والدليل: ذلك الجفاف تعانيه المدن التي كانت قبلة ثقافية عقب إنتهاء المشروع فيها.
ورغم أننا لا نستطيع أن نقيس مقدار التنمية المحدثة في المجتمع ، إلا أننا نستدل على ذلك من خلال أن مثل هذه النشاطات لم تدم ولم تكرس بشكل أصيل. بمعنى أننا فشلنا في جعل وسائل التنمية أفعالاً مستدامة وعادية وطبيعية ، وهو الهدف الأبرز المنشود. ولهذا سأدعو إلى حوار سابر يكشف لنا عن جدوى مشروع المدن الثقافية. فلا يجوز أن نستمر في مشروع تصرف فيه الآلاف ، دون أن نتلقى نتائج وتغيرات. وهي دعوة لحوار تتبناه وزارة الثقافة بهذا الشأن.
في القصة القصيرة خصوصاً ، وفي النص الأدبي عموماً ، أول ما يُسأل عن الأثر المتروك. بمعنى ما هو الأثر الذي يتولد في نفس القارئ بعد فراغه من هذه القصة أو تلك القصيدة أو المقالة أو الخاطرة أو الرواية. وهذا السؤال سنحيله بكل بساطته ومباشرته إلى مشروع المدن الثقافية ، بعد نهاية نسخته الرابعة: ما هو الأثر المتروك في بنية وتركيبة مجتمع المدينة وسكانها ، بعد إطفاء الشعلة في الحفل الختامي؟،.
ramzi279@hotmail.com
(الدستور)