عرس الحسين ليس حدثاً عادياً، ليس عرساً هاشمياً فقط، إنه عرس أردني بامتياز. فرحة وطن بولي عهد وطن، وفرحة أبناء الوطن بفتى هاشمي أصبح رجلاً حاملاً إرث الحسين رحمه الله، واسم الحسين، ورسالة الحسين الباني، وأخلاق عبد الله ابن الحسين.
نحتفل بزفاف الأمير الحسين هذه الأيام، في وقت يقف فيه الملك عبد الله الثاني على رأس هرم النضج في الحكم والقيادة، وعلى قمة الحكمة في السياسة، وللسن أحكامه. صحيح أن "أبو الحسين" قال عند تسلمه زمام الحكم: "أنا لست كأبي"، ربما كان ذلك صحيحاً قبل 24 عاماً، لكن الملك أصبح اليوم نسخة أصيلة عن أبيه. كلنا نقول ذلك في الثلاثينات والأربعينات من أعمارنا، ثم نجد أنفسنا وقد أصبحنا دون أن نشعر، صورة عن الأب، وليس أسعد على قلوب الأردنيين أن يجدوا في قلب عبد الله، الرحمة التي أثلجت صدورهم في حب الحسين لشعبه، والحكمة التي أراها في أداء سيد البلاد، وعميد الأسرة الأردنية الهاشمية.
عرس الحسين، تعزيز لمسيرة الحسين الباني، وتثبيت لدعائم حكم رشيد مستقر، وترسيخ لدعائم الدستور، وتجديد بيعة للوريث الشرعي لعرش المملكة، وضمانة أمنٍ لمستقبل الوطن، ووحدة أبنائه، وعرس الحسين مبعث أمل للجيل الجديد، وفاتحة خير لمئوية جديدة، وملتقى للقلوب، قلوب الأردنيين على قلب رجل واحد، هو قلب الملك عبد الثاني ابن الحسين أطال الله عمره، وحفظه، وسدد على درب الخير خطاه.
لم يشهد الأردن في تاريخه فرحة تلاقت فيها دموع الأسرة الهاشمية، بوجنات الأردنيين التي ندّتها الفرحة العامرة الغامرة، كما يحدث في عرسك اليوم يا حسين. كم أنت محبوب ومحظوظ أيها الهاشمي البهي في عرسك الذي جعلته "عرس وطن"، عنوان وحدة، صنعت منه مهرجان فُرجَة، مبعث أمل، ملتقى للعشق، مسرحاً للبهجة، مرسماً لألوان قزح، يفاخر فيه الملك، ويقف شامخاً فخوراً وفياً لإرث ورثه، ولحاضر يؤمّن مستقبله.
هل تلمست يا حسين حب الأردنيين لقلبك وشخصك كما تتلمسه هذه الأيام؟، هل رأيت كيف غلّبَت الفرحة قلب الأم على تاج الملكة، فتحولت جلالة الملكة رانيا، إلى "أم الحسين"، فتألقت على وجهها مشاعر الأمومة، وتحشرج صوتها من لهفة المسرة؟، وهل شاهدت كيف نَدَّت دموع الفرح عيني "رجوتك" وهي تستمع لكلمات الملكة الرقيقة الرقراقة، وكيف غدوت دمعة فرح في مآقي الأردنيات؟..
ما أسعدني بهذه الفرحة التي شاء حكم الغربة القاسية ألا أشارك فيها عن قرب، لكن الجغرافيا لا تهزم المحبين، فنحن نحبك، ونبارك لك، ونتلمس فيك كل الخير. مبارك لك هذا الزواج الميمون من هذه الفارسة البهية التي تنتمي لآل سيف، ونحن في الأردن، ألِفنا الوقوف كالسيف، والنوم كالسيف، ويليق بولي عهدنا الفارس، عروساً بهذا السمو والحنو.
مبارك لمليكنا الأحب الأغلى، ولمليكتنا الأم الحنون، وللأسرة الهاشمية المجيدة، والشعب الأردني العروبي العظيم، ونحن على أبواب الاحتفاء يوم التاسع من هذا الشهر بعيد جلوس الملك عبدالله الثاني أعز الله ملكه، الأفراح لا تأتي إلى الأردن فُرادى.
عاش الأردن، وعشت سالماً هانئاً أيها الأمير. مبارك بحجم الكون لك، ولنا.