أنطلقنا من مطار الملكة علياء الدولي إلى المدينة المنورة ،ولم تأخذ الإجراءات فيه بضع دقائق ، والرحلة استغرقت قريبا من الساعة والنصف ، وكانت الرحلة ميسرة وسعدت عندما وجدت في مطارالمدينة المنورة ، المرأة السعودية تتولى مسؤولية أمورالجوازات ودخول الزوار، في كفاءة ويسر.

في الطريق إلى الفندق يقابلك جبل أحد وتشعر بأنه يفتح ذراعيه مرحبا بك ، وتذكرت حديث رسولنا صلوات الله عليه " إن أحدا جبل يحبنا ونحبه " ..وتشعر ان الله عز وجل تكفل بحفظ المدينة المنورة ، التي انتشر منها الإسلام إلى بقاع الأرض وأصطفاها صلوات الله عليه وأحبها دون غيرها، وتحس في كل شبر في المدينة المنورة بخطى الرسول وأثاره ، وتشعر بأن الأرض التقت بالسماء فيها، وتحس بانك زرت بقعة من بقاع الجنة، حيث تلمس السلام والسكينة فيها.. كماحرص القائمون على رعاية المسجد النبوي على توفيرالخدمات المهمة لزوار المدينة ، من مظلات ضخمة تمنع الحر، ومضخات تنثر رذاذ الماء، لتمكين رواد المسجد النبوي من تادية العبادات في سهولة ويسر.

شاهدت جموع كثيرة من البشر من مختلف الجنسيات والسحن تتطلع بشوق ولهفة لزيارة قبر الرسول صلوات الله عليه ، للسلام عليه ، وشرفت بزيارته ، وقفت أمامه في تبتل وخشوع قائلا السلام عليك ياسيدي يا رسول الله، وأشهد أنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة، ونصحت الأمة وجاهدت في الله حق جهاده ، فجزاك الله عن أمتك، أفضل ما جزى نبيا عن أمته، كما سلمت على سيدنا أبي بكرالصديق ،قائلا السلام عليك يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجزاك الله عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، ثم سلمت على سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه ، وحرصنا خلال وجودنا في المدينة، على تأدية كل فروض الصلاة في مسجده المبارك، حيث أن الصلاة في المسجد النبوي تعدل ألف صلاة ، حيث قال صلوات الله عليه : " صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام . ففيه الروضة الشريفة ، ويقول صلوات الله عليه : " ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة " ، كما حرصنا على زيارة مسجد قباء والصلاة فيه ، حيث جاء في الجديث الشريف بأن من أتى مسجد قباء فصلى فيه ركعتين كان له كأجر عمرة ..بعد ثلاثة أيام غادرنا المدينة المنورة ، دار الهجرة وشعلة الإسلام ومعقل الحق ، و توجهنا بالسيارة إلي مكة المكرمة لتادية العمرة، وحين تغادر محل اقامتك ترتدي رداء الإنسان ،حين يولد وحين يغادر الحياة، تاركا خلفه كل حطام الدنيا ومطامعها.

قطعتان من القماش الأبيض غير المخيط ،هما كل ماسوف ترتديه وتدعو الله ان يتقبلك في عبادة الصالحين ، وعندما دخلت السيارة مكة المكرمة ، كررنا التلبية مع الدعاء ، اللهم أن هذا الحرم حرمك والبلد بلدك، والأمن أمنك والعبد عبدك، جئتك من بلاد بعيدة بذنوب كثيرة، أسألك مسألة المضطرين إليك ، المشفقين من عذابك، أن تستقبلني بمحض عفوك .. اودعنا الفندق حقائبنا، وتوجهنا إلى المسجد الحرام ،وكلنا لهفة وشوق لرؤية الكعبة المشرفة وفجأة وجدت نفسي أمامها ، وعندها ادعو بيقين بما تريد من ربك ومولاك ، وردد دعاء معاينة الكعبة : اللهم زد بيتك هذا تشريفا ،وتعظيما ومهابة، وزد من شرٌفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره، تشريفا وتكريما وبرا ، اللهم أنت السلام ومنك السلام، فحينا ربنا بالسلام " ..وتظل ثياب الإحرام التي نرتديها، رمزا للوحدة الكبرى التي تذوب فيها الأجناس ويتساوى فيها الفقير والغني.

والدعاء حين تبدا بالطواف 7 مرات فقل : في بداية كل طواف الله وأكبر ومشيرا للحجر الأسود، وقل ربنا أتنا في الدنيا حسنة ،وفي الأخرة حسنة...وتكثر من الدعاء والأستغفار، و تدعووأنت تطوف حول الكعبة، وتقول رب اغفر وارحم، وتجاوز عما تعلم وبعد الطواف تشرب من ماء زمزم، ثم تتجه إلى المسعى لتكمل سبعة أشواط بين الصفا والمروة وتتلو " إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما ومن تطوع خيرا فان الله شاكر عليم " والعجيب أن أمواج البشر، التي تدور حول الكعبة بدون توقف، إلا عند أداء الفروض الخمس ليل نهار وعلى مدار العام ، فقد جعل الله سبحانه أفئدة من الناس تهوي إلى هذا المكان، تلبية لدعو سيدنا إبرهيم الخليل ، فجاءوا إليه من كل مكان، إيمانا وتصديقا بكتابه واتباعا لسنة نبية ..ثم ترقى على الصف ،احتى ترى البيت وتكبره وتحمده، وتقول الله وأكبرثلاثا ، ولاإله إلا الله وحده لاشريك له،وهوعلى كل شيء قدير،.أنجزوعده ونصرعبده،.وتدعوربك بما تشاء، ولك أن تدعو،رب اغفروارحم وتجاوزعما تعلم، إنك تعلم مالانعلم، إنك أنت الله الأعز الأكرم.

وبعد.. كن على يقين يا أخي وأختي أن الإسلام سيظل بخير، وإلى خير بإذن الله، ونسأل الله العلي القدير أن يجمع أمة المصطفى على خيرهم، لتحرير القدس ومسرى نبيه الكريم من الصهاينة المحتلين، وأن يعود المسجد الأقصى شامخا عزيزا إلي يوم الدين ، وترزقنا فيه صلاة في القريب يارب العالمين.