بين النواب والإعلام يا خوفي على الوطن
طلال الخطاطبة
30-12-2010 02:31 PM
يعيدنا الخلاف الحاصل بين مجلس النواب الكريم والإعلام هذه الأيام إلى مجلس النواب الخامس عشر حيث أُقفلت الستارة في ذلك المجلس على سؤال طرحه أحد أصحاب السعادة في ذلك المجلس عندما قال "ومن وين بدنا نجيبلهم (قصده عن الإعلاميين) نواب من سيريلانكا يعني" , واكد سعاد النائب انه حتى لو أعيدت الانتخابات فأنهم سوف ينجحون. إذاً فالقصة لم تنته بعد, ولا بد من فصل الختام, وفصل الختام ليس في هذا المجلس الكريم ولا المجالس القادمة حتى وإن أرادت ذلك لأنها قصة لا تنتهي.
مع التأكيد أن ما ورد على لسان دولة السيد رئيس المجلس الكريم في لقائه مع الإعلاميين بأن إعطاء المجلس فرصة وعدم التعرض للأشخاص هو مطلب الجميع من أبناء هذا البلد, فليس من المعقول الهجوم على المجلس من أول يوم لمجرد أنهم أعطوا الثقة لدولة الرئيس. وسواء كان النواب على حق أم على باطل فهم نوابنا شئنا أم أبينا وساهمنا نحن جميعاً بوجودهم تحت القبة, نعم جميعا سواء من شارك أو قاطع؛ فمن ساهم انتخب هذا النائب أو ذاك, ومن قاطع صوّت ضمنيا دون أن يدري ضد صاحب الحق لأن يكون تحت القبة. علينا أن نتحلى بالصدق مع أنفسنا و بالروح الرياضية. ولكن هذا لا يعني أن يبقى المجلس دون رقابة من السلطة الرابعة الا وهي سلطة الصحافة, ولكن الحكم على الأشياء بتسرع متذرعين بمقولة (المكتوب بنقرا من عنوانه) يوقع صاحب الحكم أولاً والأعلام ثانياً والقراء والمعلقين على الأخبار عموما في مطبات هم في غنى عنها.
بسبب هذا النزق الإعلامي عند بعض الإعلاميين الذين يريدون أن يبقوا تحت الأضواء سنلاحظ تناغما بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لسن قانون الإعلام والذي سيشمل الجميع بلا اسثناء بما فيها المواقع الملتزمة صاحبة الكلمة الجريئة دون تجريح. لقد بدأ الحديث عن هذا المشروع منذ زمن وعارضناه باعتبار انه ضد الحرية الفكرية التي سقفها السماء كما أراده جلالة الملك, لكن وبفضل هؤلاء الإعلاميين أكرمهم الله الذين كُشف عنهم الحجاب فيروون ما لا نرى فسيصدر هذا القانون, فهل يمكننا ان نتساءل نحن عن دور هؤلاء الإعلاميين بتسريع سن هذا القانون خاصة وأنهم يكتبون شمالا وجنوبا وشرقا وغربا وكل كتاباتهم تصب باتجاه واحد الا وهو دفع الحكومة للتحرك. وعند صدور هذا القانون سترتفع الأصوات وتكثر الاحتجاجات وتشتد الاعتصامات ليصبح الأمر في الوطن كالدبكة الشمالية كلُُُ يدبك على هواه دون تناسق بينهم, فهل هذا مرادهم؟؟؟
لقد كنا وما زلنا مع الديمقراطيه والسلطة التشريعية والتنفيذيه وحثثنا الناس على انتخاب الأصلح فمارس الغالبية حقهم الديمقراطي المشروع وجاءونا بمجلس كريم, فإذا كان من يمثلك بمجلس النواب عديم الأهلية فلماذا انتخبته؟ واذا لم تنتخبه انت فقد اتنتخبه غيرك وتقتضي الحكمة أن تحترم راي الغير. ان أهم وظيفة للنواب هو أن يشرع وأن يوافق أو يرفض هذا القانون أو ذاك فلا تسلبه هذا الحق بأن تجره إلى جدل جانبي لا علاقة له بصميم عمله.
بصراحة لا نريد للمجلس أن يترك عمله وينشغل بالإعلام ويصبح همّ النائب أن يطالع ما يُكتب عنه صبيحة اليوم التالي. ولا نريد للمواطن أن يضيع بين أقدام النواب والحكومة, لأنه (المواطن ) هو الخسران في هذا الصراع. هناك الكثير الكثير من القوانين المركونة بأدراج النواب ومن سنوات وأهمها قانون الانتخاب نفسه وقوانين تمس حياة المواطن اليومية وهي أهم بكثير من أن ينشغل النواب بالإعلام..
كذلك لا نريد للإعلام أن يكون جل عمله تصيد أخطاء المجلس وأعضائه فهم بشر أولاً وأخيرا, ومنهم من يدخل المجلس لأول مرة وفرحان بهذا الموقع ويمكن أن يصدر عنه تصرف معين للظهور كأن يستعمل الهاتف وهو تحت القبة أو يتحدث مع جاره أثناء إلقاء بعض زملاءه لكلماتهم أو ربما أخذته سنة من النوم عندما يحمى وطيس النقاش. فإذا نام نائب فهناك 119 صاحين فراقبوا أداءهم.
باختصار علاقة الإعلام بالنواب لن ينظمها صياغة قانون يشكم الإعلام, ولن يكمم أفواه الصحفيين جرهم إلى المحكمة كل صباح. ما ينفع الوطن هو أن يرى الجميع ما عليهم من مسؤوليات ولا يهربوا منها الى افتعال معارك جانبية لتبرير عجزهم , لا نريد من أحد أن يترك عمله الرئيس ويحارب بجبهات أخرى لا علاقة لها بهذا العمل, فليعمل كل منا بما نذر نفسه له لأجل أن يبقى الأردن أولاً.
دمتم والوطن بألف خير
alkhatatbeh@hotmail.com