تقييمات الرؤساء .. جامعات مكلومة وسياسة "سَكِّن تسلم"
الدكتور محمد العبيني
30-05-2023 08:13 AM
يمر التعليم العالي بأزمة لا سابق لها منذ عام٢٠١٢، عندما قام أحد وزراء التعليم العالي في تلك الفترة بإبعاد رؤساء بلا تقييم وأتى برؤساء بدون معايير واضحة شفافة، وقد استسلم لهذا القرار الوزاري الرؤساء المتعاقبون، بل واستمتع بعضهم بهذه الممارسة الغير مسبوقة والتي لاقت وتلاقي ترحيباً من المؤسسات والوزارات المختلفة .
في الصحافة الالكترونية يتمترس بعض الأكاديميين خلف التقييمات، بل ويشجع المسؤلين على ممارسة تقييم الرؤساء كوسيلة تقود لجامعات نموذجية ومتقدمة -كما يزعمون- أما البعض الآخر فينتقد التقييمات ومخرجاتها والتي لا تأتي بالافضل في أغلب الاحيان، بل التي لا تقود لعزل الاسوأ في كثير من الاحيان.
ومع أني كنت ولا زلت أُطالب بتقييمات شفافة ترتكز الى معايير واضحة بمكن قياسها واعلانها للمتقدمين والاكاديميين المتفرجين والذين لا حول لهم ولا قوة الا القبول بالنتائج في أغلب الأحيان.
السؤال الحقيقي والذي ينبغي طرحه هو: ما قيمة تقييمات الرؤساء وعدمها دون اعتماد المساءلة؟ والتي تؤدي دوماً للثواب والعقاب في مجتمع خالٍ من المعايير للوظائف القيادية والمراكز المتقدمة علماً بضرورة المساءلة في كل الوظائف لتخفيف طوابير الحالمين بالرئاسة كونها ذات كُلفة معدومة بينما ما يرافقها من مكاسب مثل البرستيج والسلطة والامكانيات الملحقة بها، لا يحلم بنيلها أي حامل لشهادة الدكتوراة أو حتى من يحمل درجة الاستاذية بأقدمية ثلاثين عاماً في الدرجة.
في جولة سابقة، نصحني عدد من الاصدقاء بالتقدم لشاغر رئيس جامعة تقنية، واستشرت بعض رؤساء الجامعا الاصدقاء، وقد أيَّد أغلبهم المحاولةً كونها تمنح الفائز بالمنصب، ولو ليوم واحد، أعلى مربوط راتب درجة الاستاذية .
من زياراتي المتعددة لصروح علمية مثل جامعة هامبورج الالمانية العالمية وجامعة كمنتز التقنية الالمانية وجامعة شنزن الصينية المتألقة
وجدت أن المعيار الهام لمرشح شاغر الرئيس هو "ما القيمة المُضافة التي ستحملها للجامعة والتي سيتم محاسبتك عليها بعد ثلاثة سنوات"؟ والذي يؤدي الى محدودية عدد المتقدمين لمركز رئيس الجامعة علماً بأن الترشيح غالبا ما يتم بالانتخاب .
باعتقادي أنهُ لو تم سؤال المتقدمين عن القيمة المضافة والتنبية الى حتمية المساءلة عنها، عندما يحين موعد الرحيل الطبيعي (٤ سنوات)، مع الوعد بأن الرحيل لن يتم لاسباب مزاجية أو تصفية حسابات ولكن بشكل يضمن إعطاء الرئيس الوقت الكافي لتحقيق القيمة المُضافة والتي وعد بها أو تحَمُل عاقبة الفشل اذا لم ينجح .
التسحيج للقادم والذم بالمغادر لا يؤدي لما ننشده من التقدم والإزدهار والعودة لقيادة التعليم العالي في الاقليم، وربما في العالم، لا يتم بدون معايير واضحة شفافة ويمكن قياسها وتعلن قبل فترة من الترشيح ومساءلة حتمية للرئيس بعد انقضاء الفترة، وبقيمة مضافة يمكن تقييمها عندما يحين موعد الرحيل الطبيعي الا في حالة الاساءة للمؤسسة أو القيادة أو الوطن.
الرؤساء مرعوبون من فكرة التقييمات ويهنئون بعضهم البعض بتجديد الارادة الملكية السامية، كما يقول المُسحجون، علماً بأن زملائهم عُزلوا بدون إرادة -وحسب رأي الاغلبية- بشكل تعسفي.
حمى الله الاردن وحمى قيادته الحكيمة، ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وإن غداً لناظرة قريب.
متمنياً أن يكون الافضل لهذا البلد هو الذي لم يأتِ بعد كما قال دولة رئيس الوزراء، والله الموفق..